وهذا أيضاً هو التأويل الذى يتنازعون فيه فى مسائل الصفات، فمنهم مَن ذم التأويل ومنعه، ومنهم مَن مدحه وأوجبه.
وستطلع عند الكلام على الفرق بين التفسير والتأويل على معان أخرى اشتُهِرت على ألسنة المتأخرين.
* *
الفرق بين التفسير والتأويل
* الفرق بين التفسير والتأويل والنسبة بينهما:
اختلف العلماء فى بيان الفرق بين التفسير والتأويل، وفى تحديد النسبة بينهما اختلافاً نتجت عنه أقوال كثيرة، وكأن التفرقة بين التفسير والتأويل أمر معضل استعصى حله على كثير من الناس إلا مَن سعى بين يديه شعاع مِن نور الهداية والتوفيق، ولهذا بالغ ابن حبيب النيسابورى فقال: "نبغ فى زماننا مفسِّرون لو سئلوا عن الفرق بين التفسير والتأويل ما اهتدوا إليه". وليس بعيداً أن يكون منشأ هذا الخلاف، هو ما ذهب إليه الأستاذ أمين الخولى حيث يقول: "وأحسب أن منشأ هذا كله، هو استعمال القرآن لكلمة التأويل، ثم ذهاب الأصوليين إلى اصطلاح خاص فيها، مع شيوع الكلمة على ألسنة المتكلمين من أصحاب المقالات والمذاهب".
وهذه هى أقوال العلماء أبسطها بين يدى القارئ ليقف على مبلغ هذا الاختلاف، وليخلص هو برأى فى المسألة يوافق ذوقه العلمى ويرضيه.
١ - قال أبو عبيدة وطائفة معه: "التفسير والتأويل بمعنى واحد" فهما مترادفان. وهذا هو الشائع عند المتقدمين من علماء التفسير.
٢ - قال الراغب الأصفهانى: "التفسير أعم من التأويل، وأكثر ما يُستعمل التفسير فى الألفاظ، والتأويل فى المعانى، كتأويل الرؤيا. والتأويل يُستعمل أكثره فى الكتب الإلهية. والتفسير يستعمل فيها وفى غيرها. والتفسير أكثره يستعمل فى مفردات الألفاظ. والتأويل أكثره يستعمل فى الجمل، فالتفسير إما أن يُستعمل فى غريب الألفاظ كـ "البَحيرة والسائبة والوصيلة" أو فى تبين المراد وشرحه كقوله تعالى فى الآية [٤٣] من سورة البقرة: ﴿وَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكاة﴾.. وإما فى كلام مضمن بقصة لا يمكن تصوره إلا بمعرفتها نحو قوله تعالى فى الآية [٣٧] من سورة التوبة: ﴿إِنَّمَا النسياء زِيَادَةٌ فِي الكفر﴾.. وقوله تعالى فى الآية [١٨٩] من سورة البقرة: ﴿وَلَيْسَ البر بِأَن تَأْتُواْ البيوت مِن ظُهُورِهَا﴾.