وفِرقة مَن ألَّفوا فأحسنوا، إلا أنهم خلطوا أباطيل المبتدعين بأقاويل السَلَف الصالحين، وعَدَّ منهم أبا بكر القفَّال.
وفِرقة اقتصر أصحابها على الرواية والنقل دون الدارية والنقد، وعَدَّ منهم أبا يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلى.
وفِرقة حذفت الإسناد الذى هو الركن والعماد، ونقلت من الصحف والدفاتر، وحرَّرت على هوى الخواطر، وذكرت الغثّ والسمين، والواهى والمتين، قال: وليسوا فى عِداد العلماء، فصنتُ الكتاب عن ذكرهم.
وفِرقة حازوا قصب السبق، فى جودة التصنيف والحذق. غير أنهم طوَّلوا فى كتبهم بالمعادات، وكثرة الطُرُق والروايات، وعَدَّ منهم ابن جرير الطبرى. وفِرقة جرَّدت التفسير دون الأحكام، وبيان الحلال والحرام، والحل عن الغوامض والمشكلات، والرد على أهل الزيغ والشبهات، كمشايخ السَلَف الماضين، مثل مجاهد والسدى والكلبى.
ثم بيّن أنه لم يعثر فى كتب مَنْ تقدَّمه على كتاب جامع مهذَّب يُعتمد.. ثم ذكر ما كان من رغبة الناس إليه فى إخراج كتاب فى تفسير القرآن وإجابته لمطلوبهم، رعاية منه لحقوقهم، وتقرباً به إلى الله.. ثم قال: "فاستخرتُ الله تعالى فى تصنيف كتاب شامل، مهذب، ملخص، مفهوم، منظوم، مستخرج من زهاء مائة كتاب مجموعات مسموعات. سوى ما التقطته من التعليقات والأجزاء المتفرقات، وتلقفته عن أقوام من المشايخ الأثبات، وهم قريب من ثلاثمائة شيخ، نسَّقته بأبلغ ما قدرتُ عليه من الإيجاز والترتيب". ثم قال: وخرَّجت فيه الكلام على أربعة عشر نحواً: البسائط والمقدمات، والعدد والتنزلات، والقصص، والنزولات، والوجوه والقراءات، والعلل والاحتجاجات، والعربية واللغات، والإعراب والموازنات، والتفسير والتأويلات، والمعانى والجهات، والغوامض والمشكلات، والأحكام والفقهيات، والحكم والإشارات، والفضائل والكرامات، والأخبار والمتعلقات، أدرجتها فى أثناء الكتاب بحذف الأبواب، وسميته: كتاب "الكشف والبيان عن تفسير القرآن".. ثم ذكر فى أول الكتاب أسانيده إلى مَنْ يروى عنهم التفسير من علماء السَلَف، واكتفى بذلك عن ذكرها أثناء الكتاب، كما ذكر أسانيده إلى مصنفات أهل عصره - وهى كثيرة - وكتب الغريب والمشكل والقراءات، ثم ذكر باباً فى فضل القرآن وأهله، وباباً فى معنى التفسير والتأويل، ثم شرع فى التفسير.
عثرتُ على هذا التفسير بمكتبة الأزهر فوجدته مخطوطاً غير كامل، وجدتُ منه


الصفحة التالية
Icon