أهل التأويل فى عدد الكبائر، مجموعة من الكتاب والسُّنَّة، مقرونة بالدليل والحُجَّة".. ثم يسردها جميعاً ويذكر أدلتها على وجه التفصيل.
وارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٤٣] من سورة النساء: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مرضى أَوْ على سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الغآئط أَوْ لاَمَسْتُمُ النسآء فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً﴾.. الآية، تجده يعرض لأقوال السَلَف فى معنى اللمس والملامسة.. ثم يقول: واختلف الفقهاء فى حكم الآية على خمسة مذاهب، ويتوسع على الخصوص فى بيان مذهب الشافعى ويسرد أدلته، ويذكر تفصيل كيفية الملامسة عنده، كما يعرض لأقوال العلماء فى التيمم ومذاهبهم وأدلتهم بتوسع ظاهر عندما يتكلم عن قوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً﴾...
وهكذا يتطرق الكتاب إلى نواح علمية متعددة، فى إكثار وتطويل يكاد يخرج به عن دائرة التفسير بالمأثور.
ثم إن هناك ناحية أخرى يمتاز بها هذا التفسير، هى التوسع إلى حد كبير فى ذكر الإسرائيليات بدون أن يتعقب شيئاً من ذلك أو يُنبِّه على ما فيه رغم استبعاده وغرابته، وقد قرأتُ فيه قصصاً إسرائيلياً نهاية فى الغرابة.
ويظهر لنا أن الثعلبى كان مولعاً بالأخبار والقصص إلى درجة كبيرة، بدليل أنه ألَّف كتاباً يشتمل على قصص الأنبياء، ولو أنك رجعت إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [١٠] من سورة الكهف: ﴿إِذْ أَوَى الفتية إِلَى الكهف﴾.. الآية، لوجدته يروى عن السدى ووهب وغيرهما كلاماً طويلاً فى أسماء أصحاب الكهف وعددهم، وسبب خروجهم إليه، ولوجدته يروى عن كعب الأحبار، ما جرى لهم مع الكلب حين تبعهم إلى الغار، ولعجبتَ حين تراه يروى أن النبى ﷺ طلب من ربه رؤية أصحاب الكهف فأجابه الله بأنه لن يراهم فى دار الدنيا، وأمره بأن يبعث لهم أربعة من خيار أصحابه ليبلغوهم رسالته.. إلى آخر القصة التى لا يكاد العقل يصدقها.
ثم ارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٩٤] من سورة الكهف أيضاً ﴿... إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرض﴾... الآية، تجده قد أطال وذكر كلاماً لا يمكن أن يُقبل بحال، لأنه أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة.
ثم ارجع إليه عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٢٧] من سورة مريم: ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ﴾.. الآية، تجده يروى عن السدى ووهب وغيرهما قصصاً كثيراً، وأخباراً فى نهاية الغرابة والبُعْد.