موقفه من المسائل الفقهية:
كذلك نجده إذا تكلم عن آيات الأحكام فإنه لا يمر عليها إلا إذا استوفى مذاهب الفقهاء وأدلتهم مع عدم تعصب منه لمذهب بعينه.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية: [٢٣٦] من سورة البقرة: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الموسع قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر قَدَرُهُ مَتَاعاً بالمعروف حَقّاً عَلَى المحسنين﴾.. يقول ما نصه: وقال الإمام مالك: المحسنون: المتطوعون، وبذلك استدل على استحباب المتعة وجعله قرينة صارفة للأمر إلى الندب، وعندنا: هى واجبة للمطلَّقات فى الآية، مستحبَة لسائر المطلَّقات. وعند الشافعى رضى الله عنه فى أحد قوليه: هو واجبة لكل زوجة مطلَّقة إذا كان الفراق من قِبَل الزوج إلا التى سمى لها وطُلِّقت قبل الدخول، ولما لم يساعده مفهوم الآية ولم يعتبر العموم فى قوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بالمعروف﴾ لأنه يحمل المطلق على المقيد، قال بالقياس، وجعله مقدَّماً على المفهوم، لأنه من الحجج القطعية دونه، وأجيب عما قاله مالك، بمنع قصر المحسن على المتطوع، بل هو أعم منه ومن القائم بالواجبات، فلا ينافى الوجوب، فلا يكون صارفاً للأمر عنه مع ما انضم إليه من لفظ حقاً".
وإذا أردت أن تتأكد من أن الألوسى غير متعصب لمذهب بعينه فارجع إلى البحث الذى أفاض فيه عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٢٢٨] من سورة البقرة: ﴿والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قرواء﴾... الآية، تجده بعد أن يذكر مذهب الشافعية، ومذهب الحنفية، وأدلة كل منهم، ومناقشاتهم يقول: "وبالجملة، كلام الشافعية فى هذا المقام قوى، كما لا يخفى على مَن أحاط بأطراف كلامهم، واستقرأ ما قالوه، تأمل ما دفعوا به من أدلة مخالفيهم".
* *
* موقفه من الإسرائيليات:
ومما نلاحظ على الألوسى أنه شديد النقد للإسرائيليات والأخبار المكذوبة التى حشا بها كثير من المفسِّرين تفاسيرهم وظنوها صحيحة، مع سخرية منه أحياناً.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [١٢] من سورة المائدة: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ بني إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثني عَشَرَ نَقِيباً﴾.. نجده يقص علينا قصة عجيبة عن عوج بن عنق، يرويها عن البغوى، ولكنه بعد الفراغ منها يقول ما نصه: "وأقول: قد