الأحاديث التى وردت فى التفسير لا أصل لها وليست بصحيحة، والظاهر - كما قال بعضهم - أنه يريد الأحاديث المرفوعة إلى النبى ﷺ فى التفسير. أما الأحاديث المنقولة عن الصحابة فلا وجه لإنكارها، وقد اعترف هو نفسه ببعضها".
وحيث يقول: "إن بعض العلماء أنكر هذا الباب بتاتاً، أعنى أنه أنكر صحة ورود ما يروونه من هذا الباب، فقد روى عن الإمام أحمد أنه قال: "ثلاثة ليس لها أصل: التفسير، والملاحم، والمغازى".
نعم.. ليس الأمر كما استظهره صاحب "ضحى الإسلام" و "فجر الإسلام، لأنه مما لا شك فيه أن النبى ﷺ صحَّت عنه أحاديث فى التفسير، والإمام أحمد نفسه معترف بها، فكيف يُعقل أن الإمام أحمد يريد من عبارته السابقة نفى الصحة عن جميع الأحاديث المرفوعة إلى النبى ﷺ فى التفسير؟ - وظنى أن الأستاذ أراد بالبعض المذكور، المحققين من أصحاب الإمام أحمد، غاية الأمر أنه حمل كلامهم على غير ما أردوا فوقع فى هذا الخطأ، والعجب أنه نقل عن "الإتقان" فى هامش فجر الإسلام (صفحة ٢٤٥) ما استظهرناه من كلام المحققين من أتباع الإمام أحمد.
واعترف فى فجر الإسلام (صفحة ٢٤٥)، وضحى الإسلام (الجزء الثانى صفحة ١٣٨) : بأنه قد صح عن رسول الله ﷺ تفسيرات لبعض ما أُشكل من القرآن، وإن كان قد اضطرب فى كلامه فجعل ما ورد من التفسير عن رسول الله ﷺ بالغاً حد الكثرة، حيث قال فى فجر الإسلام (صفحة ٢٤٥) :"وهذا النوع كثير: وردت منه أبواب فى كتب الصحاح الستة، وزاد فيه القُصَّاص والوُضَّاع كثيراً"، ثم عاد فى ضحى الإسلام (جزء ٢ صفحة ١٣٨) فجعل ما ورد عن الرسول من التفسير بالغاً حد القِلَّة حيث قال: "وما روى عن الرسول ﷺ فى ذلك قليل، حتى روى عن عائشة أنها قالت: لم يكن النبى ﷺ يفسِّر شيئاً من القرآن إلا آيات تُعَد، علَّمهنَّ إياه جبريل"، وفاته أن الحديث مطعون فيه، فذكره دليلاً عن مُدَّعاه ولم يُعقِّب عليه، مع أنه أحال على الطبرى فى نقل الحديث، والطبرى وضَّح عِلَّته، وتأوَّله على فرض الصحة كما سنوضح ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
* *
*هل تناول النبى ﷺ القرآن كله بالبيان؟
قد يقول قائل: إن الله تعالى يقول فى سورة النحل [آية: ٤٤] :﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.. فهل بَيَّنَ رسول الله ﷺ لأصحابه القرآن كله، أفراداً وتركيباً، وما يتبع ذلك من بيان الأحكام؟ أو أنه بيَّن لهم