يجلس إليهم فيأخذون عنه ويروون له، فمن رواته مسروق بن الأجدع الهمدانى، وعلقمة بن قيس النخعى، والأسود بن يزيد، وغيرهم من علماء الكوفة الذين تتلمذوا له ورووا عنه. وسيأتى الكلام على هؤلاء جميعاً - إن شاء الله تعالى - عند الكلام عن التفسير فى عصر التابعين، وقد وردت أسانيد كثيرة تنتهى إلى ابن مسعود، نجدها مبثوثة فى كتب التفسير بالمأثور وكتب الحديث، ومن هذه الروايات ما يمكن الاعتماد عليه والثقة به، ومنها ما يعتريه الضعف فى رجاله، أو الانقطاع فى إسناده، وقد تتبع العلماء النُقَّاد هذه الروايات، كما تتَّبعوا غيرها بالنقد تجريحاً وتعديلاً وهذه هى أشهر الطرق عن ابن مسعود:
أولاً: طريق الأعمش، عن أبى الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود. وهذه الطريق من أصح الطرق وأسلمها، وقد اعتمد عليها البخارى فى صحيحه.
ثانياً: طريق مجاهد، عن أبى معمر، عن ابن مسعود، وهذه أيضاً طريق صحيحة لا يعتريها الضعف. وقد اعتمد عليها البخارى فى صحيحه أيضاً.
ثالثاً: طريق الأعمش، عن أبى وائل، عن ابن مسعود. وهذه أيضاً طريق صحيحة يُخَرِّج البخارى منها، وكفى بتخريج البخارى شاهداً على صحته وصحة ما سبق.
رابعاً: طريق السدى الكبير، عن مرة الهمدانى، عن ابن مسعود. وهذه الطريق يُخَرِّج منها الحاكم فى مستدركه، ويصحح ما يُخَرِّجه. وابن جرير يُخَرِّج منها فى تفسيره كثيراً، وقد علمت فيما مضى قيمة السدى الكبير فى باب الرواية.
خامساً: طريق أبى روق، عن الضحاك، عن ابن مسعود، وابن جرير يُخَرِّج منها فى تفسيره أيضاً. وهذه الطريق غير مرضية، لأن الضحاك لم يلق ابن مسعود فهى طريق منقطعة.
* * *
٣- علىّ بن أبى طالب
* ترجمته:
هو أبو الحسن، علىّ بن أبى طالب بن عبد المطلب، القرشى الهاشمى، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصهره على ابنته فاطمة، وذُرِّيته ﷺ منها. أُمه فاطمة بنت أسد بن هاشم. وهو أول هاشمى وُلِد من هاشميين، ورابع الخلفاء الراشدين، وأول خليفة من بنى هاشم، وهو أول مَن أسلم من الأحداث وصدَّق برسول الله صلى الله عليه وسلم. هاجر إلى المدينة. وموقفه من الهجرة مشهور، قيل: ونزل فيه قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الناس مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابتغآء مَرْضَاتِ الله﴾ [البقرة: ٢٠٧].. وقد شهد علىّ المشاهد كلها إلا تبوك، فإن رسول الله ﷺ خلَفه على أهله، وله فى الجميع بلاء عظيم ومواقف مشهورة، وقد أعطاه الرسول ﷺ اللواء فى مواطن كثيرة، وقال يوم خيبر: "لأعطيَّن الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يُحب الله ورسوله، ويُحبه الله ورسوله"، ثم أعطاها لعلىّ رضى الله