وقّلّ اهتمامهم ببعض آخر منها، فأحببتُ أن أُقدِّم للمكتبة الإسلامية كتاباً يُعتبر باكورة إنتاجى فى التأليف عنوانه:
"التفسير والمفسِّرون"
وهو كتاب يبحث عن نشأة التفسير وتطوره، وعن مناهج المفسِّرين وطرائقهم فى شرح كتاب الله تعالى، وعن ألوان التفسير عند أشهر طوائف المسلمين ومَن ينتسبون إلى الإسلام، وعن ألوان التفسير فى هذا العصر الحديث... وراعيت أن أُضَمِّن هذا الكتاب بعض البحوث التى تدور حول التفسير، من تطرق الوضع إليه، ودخول الإسرائيليات عليه، وما يجب أن يكون عليه المفسِّر عندما يحاول فهم القرآن أو كتابة التفسير، وما إلى ذلك من بحوث يطول ذكرها، ويجدها القارئ مفصَّلة مُسْهَبة فى هذا الكتاب.
ورجوتُ من وراء هذا العمل أن أُنبه المسلمين إلى هذا التراث التفسيرى، الذى اكتظت به المكتبة الإسلامية على سعتها وطول عهدها، وإلى دراسة هذه التفاسير على اختلاف مذاهبها وألوانها، وألا يقصروا حياتهم على دراسة كتب طائفة واحدة أو طائفتين، دون مَن عداهما مِن طوائف كان لها فى التفسير أثر يُذكر فيُشكر أو لا يُشكر.
ورجوت أيضاً أن يكون لعشاق التفسير مِن وراء هذا المجهود موسوعة تكشف لهم عن مناهج أشهر المفسِّرين وطرائقهم التى يسيرون عليها فى شرحهم لكتاب الله تعالى، ليكون مَن يريد أن يتصفح تفسيراً منها على بصيرة من الكتاب الذى يريد أن يقرأه، وعلى بيِّنةٍ من لونه ومنهجه، حتى لا يغتر بباطل أو ينخدع بسراب.
وفى اعتقادى أن فى هذا الموضوع جدة وطرافة، جدة: إذ لم أُسبق إليه إليه إلا بمحاولات بسيطة غير شاملة، وطرافة: إذ يعطى القارئ صوراً متنوعة عن لون من التفكير الإسلاميى فى عصوره المختلفة، ويكشف له عن أفكار وأفهام تفسيرية، فيها غرابة وطرافة، وحق وباطل، وإنصاف واعتساف، ومحاورة شيِّقة، وجدل عنيف.
وقد رتَّبتُ الكتاب على مقدمة، وثلاثة أبواب وخاتمة.
أما المقدمة، فقد جعلتها على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: فى معنى التفسير والتأويل والفرق بينهما.
المبحث الثانى: فى تفسير القرآن بغير لغته.
المبحث الثالث: فى اختلاف العلماء فى التفسير، هل هو من قبيل التصورات، أو من قبيل التصديقات؟