أنت مسروق بن عبد الرحمن، روى عن الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وأُبَىّ بن كعب، وغيرهم، وكان أعلم أصحاب ابن مسعود، يمتاز بورعه وعلمه وعدالته، وكان شريح القاضى يستشيره فى معضلات المسائل. وقال مالك بن مغول: سمعت أبا السفر غير مرة قال: ما ولدت همدانية مثل مسروق. وقال الشعبى: ما رأيت أطلب للعلم منه. وقال علىّ بن المدينى: ما أقَّدِمُ على مسروق من أصحاب عبد الله أحداً. وهذه الشهادة من ابن المدينى، يبدوَ أنها قائمة على ما امتاز به مسروق من غزارة العلم الذى استفاده من جلوسه لكثير من الصحابة ولابن مسعود على الأخص، الأمر الذى جعله يجمع بين علم هؤلاء جميعاً، ولقد حدَّث مسروق - رضى الله عنه - أنه جالس أصحاب محمد ﷺ فوجدهم كالإخاذ، فالإخاذ يروى الرجل، والإخاذ يروى الرجلين، والإخاذ يروى العشرة، والإخاذ يروى المائة، والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم.
ثم إن هذا التتلمذ لأصحاب رسول الله ﷺ ولابن مسعود الذى اشتهر بتفسير القرآن، جعل من مسروق إماماً فى التفسير، وعالماً خبيراً بمعانى كتاب الله تعالى. وقد حدَّث مسروق بما يدل على أنه استفاد الكثير من التفسير عن أستاذه ابن مسعود فقال: كان عبد الله - يعنى ابن مسعود - يقرأ علينا السورة ثم يُحدِّثنا فيها ويُفسِّرها عامة النهار.
أما ثقته وعدالته، فأمر اعترف به علماء الجرح والتعديل، فقال ابن معين: ثقة، لا يُسئل عن مثله. وقال ابن سعد: كان ثقة، وله أحاديث صالحة. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقد أخرج له الستة. هذا وقد روى شعبة عن أبى إسحاق أنه قال: حج مسروق فلم ينم إلا ساجداً. وكانت وفاته سنة ٦٣ هـ (ثلاث وستين من الهجرة) على الأشهر.
* * *
٣- الأسود بن يزيد
* ترجمته ومكانته فى التفسير:
هو أبو عبد الرحمن، الأسود بن يزيد بن قيس، النخعى، كان من كبار التابعين، ومن رواة عبد الله بن مسعود. روى عن أبى بكر، وعمر، وعلىّ، وحذيفة، وبلال، وغيرهم. وكان رحمه الله ثقة، صالحاً، على جانب عظيم من الفهم لكتاب الله تعالى. قال فيه الإمام أحمد: ثقة من أهل الخير. وقال فيه يحيى بن معين: ثقة. وقال ابن سعد: ثقة وله أحاديث صالحة. وهو عند أصحاب الكتب الستة، وقال الحكم: كان الأسود يصوم الدهر، وذهبت إحدى عينيه من الصوم. وذكره إبراهيم النخعى فيمن


الصفحة التالية
Icon