أولاً: أن يُعبِّر كل واحد من المفسِّرين عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى فى المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى، وذلك مثل أسماء الله الحسنى، وأسماء رسوله صلى الله عليه وسلم، وأسماء القرآن، فإن أسماء الله كلها على مسمى واحد، فلا يكون دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى مضاداً لدعائه باسم آخر منها، بل الأمر كما قال الله تعالى: ﴿قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمان أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسمآء الحسنى﴾ [الإسراء: ١١٠]..
وإذا نحن نظرنا إلى كل اسم من أسمائه لوجدناه يدل على ذات الله تعالى وعلى صفة من صفاته تضمنها هذا الاسم فـ "العليم" يدل على الذات والعلم، و "القدير" يدل على الذات والقدرة.. وهكذا.
ثم إن كل اسم من هذه الأسماء يدل على الصفة التى فى الاسم الآخر بطريق اللزوم، وكذلك الشأن فى أسماء النبى ﷺ مثل: محمد وأحمد وحامد، وأسماء القرآن مثل: القرآن والفرقان، والهدى، والشفاء، وأمثال ذلك.
فإن كان مقصود السائل تعيين المسمى عبَّر عنه بأى اسم كان إذا كان يعرف مسماه. فمثلاً قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي﴾ [طه: ١٢٤].. وإذا قيل: ما ذكره؟ يقال: ذِكْره قرآنه، أو كتابه، أو كلامه، أو هُدَاه، ونحو ذلك. وهذا على القول المشهور من أن المصدر مضاف للفاعل، كما يدل عليه سياق الآية وسباقها.
وإن كان مقصود السائل معرفة ما فى الاسم من الصفة المختصة به فلا بد فى ذلك من قدر زائد على تعيين المسمى، مثل أن يسأل عن القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، وقد علم أنه الله ولكن يريد أن يعرف معنى كونه قدوساً. وسلاماً، ومؤمناً، ومهيمناً، ونحو ذلك.
والسَلَف كثيراً ما يُعبِّرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه وإن كان فيها من الصفة ما ليس فى الاسم الآخر، كمن يقول: القدوس: هو الله، أو الرحمن، أو الغفور، ومراده أن المسمى واحد، لا أن هذه الصفة هى هذه. ومعلوم أن هذا اختلاف لا يمكن أن يقال إنه اختلاف تباين وتضاد كما ظنه بعض الناس.
ومثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم، فقال بعضهم: هو اتباع القرآن، لقوله ﷺ فى حديث علىّ عند الترمذى: "ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتى الصراط سوران، وفى السورين أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وداع يدعو من فوق الصراط، وداع يدعو على رأس الصراط، قال: فالصراط المستقيم هو الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، والداعى على رأس الصراط كتاب الله، والداعى فوق الصراط واعظ الله فى قلب كل مؤمن".
ومنه مَن قال: هو اتباع السُّنَّة والجماعة، ومنه مَن قال: هو طريق