الذى يزعمونه، وأخبرهم بكون ما لا يرونه أبداً من البعث من القبور، والحساب، والجنَّة، والنار، حتى استعبدهم بذلك عاجلاً وجعلهم له فى حياته، ولذُرِّيته بعد وفاته خولاً، واستباح بذلك أموالهم بقوله: ﴿لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى﴾ [الشورى: ٢٣].
فكان أمره معهم نقداً وأمرهم معه نسيئة، وقد استعجل منهم بذل أرواحهم وأموالهم على انتظار موعود لا يكون، وهل الجنَّة إلا هذه الدنيا ونعيمها؟ وهل النار وعذابها إلا ما فيه أصحاب الشرائع من التعب والنَصَب فى الصلاة والصيام والجهاد والحج"؟
ثم قال لسليمان بن الحسن فى هذه الرسالة: ".. وأنت وإخوانك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس، وفى هذه الدنيا ورثتم نعيمها ولذَّاتها محرَّمة على الجاهلين المتمسكين بشرائع أصحاب النواميس، فهنيئاً لكم ما نلتم منْ الراحة عن أمرهم".
ومن جملة تأويلاتهم الباطلة التى يتوصلون بها إلى هواهم النفسى، ومأربهم الشخصى، أنهم بعد أن يلقوا على المدعو ما يشككونه به، وتتطلع إلى معرفته من جهتهم نفسه، ويقولون له: لا نظهره إلا بتقديم خير عليه، فيطلبون مائة وتسعة عشر درهماً من السبيكة الخالصة. ويقولون: هذا تأويل قوله تعالى: ﴿وَأَقْرِضُواُ الله قَرْضاً حَسَناً﴾ [المزمل: ٢٠].. فالحاء والسين والنون والألف إذا جُمِع عددها بحساب الجُمَّل يكون مبالغه مائة وتسعة عشر".
ومن ذا الذى قال إن القرآن يخضع فى تفسيره وفهم معانيه إلى حساب الجُمَّل؟.. اللهم إن هذا لا يصدر إلا عن مُخرِّف أو زنديق يريد أن يضل الناس ويحتال على سلب أموالهم بدعوى يدعيها على كتاب الله!!
كذلك نجد الباطنية يحرصون على نفى وجود الإله الحق، والنبى المرسل محمد صلى الله عليه وسلم، ليتوصلوا بذلك إلى رفع التكاليف، فنراهم يقولون للمبتدئ: "إن الله خلق الناس واختار منهم محمداً (صلى الله عليه وسلم)، فيستحسن المبتدئ هذا الكلام، ثم يقول له: أتدرى مَن محمد؟ فيقول: نعم، محمد رسول الله، خرج من مكة، وادَّعى النبوة، وأظهر الرسالة، وعرض المعجزة. فيقول له: ليس هذا الذى تقول إلا كقول هؤلاء الحمير - يعنون به المؤمنين من أهل الإسلام - إنما محمد أنت. فيستعيذ السامع ويقول: ليست أنا محمداً، فيقول له: الله تعالى وصفه فى هذا القرآن فقال: ﴿لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾