إِلاَّ قَلِيلٌ} [هود: ٤٠]، وقوله:
﴿وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ﴾ [ص: ٢٤]، وقوله: ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور﴾ [سبأ: ١٣].. فالأقل من الأكثر الذين لا عقول لهم.
و"الصلاة" و "الزكاة" سبعة أحرف دليل على محمد وعلىّ صلى الله عليهما، لأنهما سبعة أحرف، فالَمعْنِىُ بالصلاة والزكاة ولاية محمد وعلىّ، فمن تولاهما فقد أقام الصلاة وآتى الزكاة، فيوهمون على مَن لا يعرف لزوم الشريعة والقرآن وسنن النبى صلى الله عليه وسلم، فيقع هذا من ذلك المخدوع بموقع الاتفاق والموافقة، لأن مذهب الراحة والإباحة يريحهم مما تُلزمهم الشرائع من طاعة الله، ويبيح لهم ما حُظِرَ عليهم من محارم الله، فإذا قبل منهم ذلك المغرور هذا قالوا له: قرِّب قُرباناً ليكون لك سلما ونجوى، ونسأل لك مولانا يحط عنك الصلاة، ويضع عنك هذا الإصر، فيدفع اثنى عشر ديناراً، فيقول ذلك الداعى: يا مولانا؛ إن عبدك فلاناً قد عرف الصلاة ومعانيها، فاطرح عنه الصلاة وضع عنه هذا الإصر، وهذا نجواه إثنا عشر ديناراً، فيقول اشهدوا أنى قد وضعت عنه الصلاة ويقرأ له: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ والأغلال التي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: ١٥٧]. فعند ذلك يقبل إليه أهل هذه الدعوة ويهنئونه ويقولون: الحمد لله الذى وضع عنك وزرك، الذى أنقض ظهرك. ثم يقول له ذلك الداعى - الملعون - بعد مدة: قد عرفت الصلاة وهى أول درجة، وأنا أرجو أن يُبلِّغك الله إلى أعلى الدرجات، فأسأل وابحث، فيقول: عمّ أسأل؟ فيقول له: سل عن الخمر والميسر، اللذين نهى الله تعالى عنهما: هما أبا بكر وعمر لمخالفتهما على علىّ، وأخذهما الخلافة دونه، فأما ما يُعمل من العنب والزبيب والحنطة وغير ذلك فليس بحرام، لأنه مما أنبتت الأرض، ويتلو عليه: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله التي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرزق﴾ [الأعراف: ٣٢]... إلى آخر الآية، ويتلو عليه: ﴿لَيْسَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طعموا﴾ [المائدة: ٩٣].. إلى آخر الآية، والصوم: الكتمان، فيتلو عليه: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] يريد كتمان الأئمة فى وقت استتارهم خوفاً من الظالمين، ويتلو عليه: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ للرحمان صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليوم إِنسِيّاً﴾ [مريم: ٢٦] فلو كان عَنِىَ بالصيام ترك الطعام لقال: فلن أُطعم اليوم
شيئاً، فدل على أن الصيام الصموت، فحينئذ يزداد ذلك المخدوع طغياناً وكفراً، وينهمك إلى قول ذلك الداعى الملعون، لأنه أتاه بما يوافق هواه، والنفس أمَّارة بالسوء.. ثم يقول له: ادفع النجوى تكن لك سلماً ووسيلة حتى نسأل مولانا يضع عنك الصوم، فيدفع اثنى عشر ديناراً، فيمضى به إليه فيقول: يا مولانا؛ عبدك فلان قد عرف معنى الصوم على الحقيقة، فأبح له الأكل فى رمضان، فيقول له: قد وثَّقته وأمَّنته على سرائرنا؟ فيقول له: نعم، فيقول: قد وضعتُ عنه ذلك، ثم يقيم بعد ذلك مدة، فيأتيه ذلك الداعى الملعون فيقول له: قد عرفتَ ثلاث درجات، فاعرف الطهارة ما هى، ومعنى الجنابة ما هى فى التأويل، فيقول له: فسِّر لى ذلك، فيقول له: اعلم أن معنى الطهارة طهارة القلب، وأن المؤمن طاهر بذاته، والكافر نجس لا يطهره الماء ولا غيره، وأن الجنابة هى موالاة الأضداد، أضداد الأنبياء والأئمة، فأما المِنَى فليس بنجس، منه خلق الله الأنبياء، والأولياء، وأهل طاعته، وكيف يكون نجساً وهو مبدأ خلق الإنسان، وعليه يكون أساس البنيان؟ فلو كان التطهير منه من أمر الدين لكان الغُسْل من الغائط والبول أوجب، لأنهما نجسان، وإنما معنى: ﴿وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فاطهروا﴾ [المائدة: ٦] معناه: وإن كنتم جهلة بالعلم الباطن فتعلَّموا واعرفوا العلم الذى هو حياة الأرواح، كالماء الذى هو حياة الأبدان، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ المآء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: ٣٠].. وقوله: ﴿فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق: ٥-٦].. فلما سمَّاه الله بهذا دَلَّ على طهارته، ويوهمون ذلك المخدوع بهذه المقالة، ثم يأمره ذلك الداعى أن يدفع اثنى عشر ديناراً، ويقول: يا مولانا، عبدك فلان قد


الصفحة التالية
Icon