وقد عرفت أن البابية والبهائية يعبرون عن الإمام المعصوم بـ "مَن سيُظهره الله"، ويزعمون أنه هو الذى يعرف تأويل ما جاءت به الرسل عليهم السلام.
خامساً: من مبادىء قدماء الباطنية التفرس. وعلى هذا المبدأ منعوا التكلم بآرائهم في بيت فيه سراج - أى فقيه أو متعلم - والبهائية يسيرون على هذا المبدأ وإليك ما يثبت ذلك:
أرسل إلى أبى الفضائل الإيرانى بعض إخوانه كتاباً يرجوه فيه أن يرد على مقال كتبه جرجس صال الإنجليزى بإمضاء هاشم الشامى، والمقال يتضمن توجيه الاعتراضات على فصاحة القرآن الكريم، فاعتذر أبو الفضائل عن ذلك فى رسالة أرسل بها إلى صاحبه يقول فيها:
"... إن هناك موانع جمة، أعظمها وأشدها مانع كبير لا يستسهل العاقل تذليل صعوباته، ولا يتسنم النبيه متن صهواته، حيث إن قلوب الذين اكتفوا من الإسلام باسمه، ومن القرآن برسمه، تعذت فى مدة مديدة، وأزمنة غير وجيزة بقشور المطالب، وألفت سفاسف المسائل حتى بعدت عن لباب الكتاب، وجهلت حقيقة معانى الخطاب، فلو كشفنا عن حقائق الإشارات، وأظهرنا المعانى المقصودة من ظواهر العبارات، فطلعت صور الحقائق المقصورة فى قصر الآيات، وتهللت وجوه المعانى المستورة فى خدور الاستعارات، لندفع تلك الردود والاعتراضات، ونظهر بطلان تلك الإيرادات والانتقادات، تثور أولاً أحقاد جهلائنا، ويرتفع نعيب سفهائنا، وينادون بالويل والثبور، ويثيرون الأحقاد الكامنة فى الصدور... ".
ثم يقول لصاحبه فى آخر الرسالة: "... لتعلم حق العلم أنى ما نسيت ولم أكره صفة من صفاتك، ولا خلة من خلالك، ولكن - والحق يقال - إنك نسيت وصية روح الله الواردة فى سفر مَتَّى: "لا تلقوا جواهركم تحت أرجل الخنازير" حيث تجاهر بجواهر الأسرار ومعالى المعانى، عند مَن لا يستحق أن تخاطبه وتلاطفه، وتجالسه وتؤانسه، فكيف أنه يكون مستودع الحكمة الإلهية، والأسرار الربانية، فتمسَّك بالحكمة، وكن على جانب عظيم من الفطنة".
ويقول فى رسالة أرسلها إلى الشيخ فرح الله زكى الكردى أحد أتباعهم فى مصر: ".. واعلم يا حبيبى أنه سيدخل عليكم كثيرون، ويتظاهرون بنوايا المتفحص الباحث، ويظهرون السلم والوفاق، وهم أهل النفاق وأصل الشقاق، ومقصودهم معرفة أهل الإيمان، واضطهاد أصحاب الإيقان كما تصرح وتنادى أى الفرقان، منها قوله تعالى: [الحديد: ١٣-١٥] {يَوْمَ يَقُولُ المنافقون والمنافقات لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ