السفيانية، حيث قال جَلَّ وعَلا: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ والشجرة الملعونة فِي القرآن﴾. [الإسراء: ٦٠]
هذه نُبذ من تأويلات البابية للقرآن الكريم، تعطينا دليلاً قوياً، وبرهاناً صادقاً على أن المذهب البابى، أو البهائى، يقوم على أطلال الباطنية، ويحمل فى سريرته القصد إلى هدم شريعة الإسلام بمعول التأويل فى آيات القرآن، ودعوى النبوة والرسالة، بعد أن ختمها الله برسالة محمد صلى الله عليه وسلم. وإذا كان لنا كلمة بعد ذلك فهى: إن البابية وأسلافهم من الباطنية، لم يكونوا أول من ابتدأ التأويل لنصوص الشريعة على هذه الصورة التى تأتى على بنيان الدين من قواعده، وإنما هو صنيع قلَّدوا فيه طائفة من فلاسفة اليهود الذين سبقوهم، فهذا هو "فيلون" الفيلسوف اليهودى المولود ما بين عشرين وثلاثين سنة قبل الميلاد، نجده ألَّف كتاباً فى تأويل التوراة، ذاهباً إلى أن كثيراً مما فيها رموز إلى أشياء غير ظاهرة، ويقول الكاتبون فى تاريخ الفلسفة: إن هذا التأويل الرمزى كان موجوداً ومعروفاً عند أدباء اليهود بالإسكندرية قبل زمن "فيلون"، ويذكرون أمثلة من تأويلهم: أنهم فسَّروا آدم بالعقل، والجنة برياسة النفس، وإبراهيم بالفضيلة الناتجة من العلم، وإسحاق عندهم هو الفضيلة الغريزية، ويعقوب الفضيلة الحاصلة من التمرين، إلى أمثال هذا من التأويل الذى لا يحوم عليه إلا الجاحدون المراءون، ولا يقبله منهم إلا قوم هم عن مواقع الحكمة ودلائل الحق غافلون".
وبعد أن انتهينا من موقف الباطنية - قديمهم وحديثهم - من القرآن الكريم، نتكلم عن موقف الزيدية منه.... فنقول وبالله التوفيق:
* *