خطيائته}. وإن قلت روى قومنا عن ابن عباس رضى الله عنهما أن السيئة هنا الشرك. وكذا قال الشيخ هود - رحمه الله - إنها الشرك. قلت: ما ذكرته أولى مما ذكراه، فإن لفظ السيئة عام، وحمله على العموم أولى، إذ ذلك تفسير منهما لا حديث، ولا سيما أنهما وقومنا يعترفون بأن الكبيرة تُدْخِل فاعلها النار، ولم يحصروا دخولها على الشرك، ومعترفون بأن لفظ الخلود يُطلق على المكث الكبير، سواء أكان أبدياً، أو غير أبدى، وادعاء أن الخلود فى الموحِّدين بمعنى المكث الطويل، وفى الشرك بمعنى المكث الدائم، استعمال للكلمة فى حقيقتها ومجازها، وهو ضعيف، وأيضاً ذكر إحاطة الخطيئات ولو ناسب الشرك كغيره، لكنه أنسب بغيره، لأن الشرك أقوى ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خطيائته﴾.. ربطته ذنوبه وأوجبت له دخول النار، فصار لا خلاص له منها، كمن أحاط به العدو، أو الحرق، أو حائط السجن، وذلك بأن مات غير تائب".
* *
حملته على أهل السُّنَّة
ونرى المؤلف كلما سنحت له الفرصة للتنديد بجمهور أهل السُّنَّة القائلين بأن صاحب الكبيرة من المؤمنين يُعذَّب فى النار على قدر معصيته، ثم يدخل الجنة بعد ذلك، ندَّد بهم ولمزهم.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٤] من سورة البقرة: ﴿والذين يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ﴾.. يقول: ".. وترى أقواماً ينتسبون إلى المِلَّة الحنيفية يضاهئون اليهود فى قولهم: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات".
* *
مغفرة الذنوب
ثم إن المؤلف حمل كل آيات العفو والمغفرة على مذهبه القائل: بأن الكبائر لا يغفرها الله إلا بالتوبة منها والرجوع عنها، ويحمل على الأشاعرة القائلين بأن الله يجوز أن يغفر لصاحب الكبيرة وإن لم يتب.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الاية [٢٨٤] من سورة البقرة: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ﴾ يقول: "ولا دليل فى الآية على جواز المغفرة لصاحب الكبيرة الميت بلا توبة منها، كما زعم غيرها، لحديث، هلك المُصِّرون".


الصفحة التالية
Icon