سابقاً فى معنى البسملة، و "آلم" فاتحة البقرة، وتارة يأتى بالمعانى الغريبة التى يمكن أن تكون من مدلول اللَّفظ أو مما يشير إليه اللَّفظ، وذلك هو الغالب فى تفسيره.
كذلك نجد المؤلف ينحو فى كتابه هذا منحى تزكية النفوس، وتطهير القلوب، والتحلى بالأخلاق والفضائل التى يدل عليها القرآن ولو بطريق الإشارة.. وكثيراً ما يسوق من حكايات الصالحين وأخبارهم ما يكون شاهداً لما يذكره، كما أنه يتعرض في بعض الأحيان لدفع إشكالات قد ترد على ظاهر اللَّفظ الكريم، وإليك نماذج من تفسيره.
فى سورة الأعراف عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [١٤٨] :﴿واتخذ قَوْمُ موسى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ﴾ يقول ما نصه: "عجل كل إنسان مَا أقبل عَلَيه فأعرض به عن الله من أهل وولد، ولا يتخلص من ذلك إلا بعد إفناء جميع حظوظه من أسبابه، كما لم يتخلص عَبَدة العجل من عبادته إلا بعد قتل النفوس".
وفى سورة الشعراء عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٧٨-٨٢] حكاية عن إبراهيم عليه السلام: ﴿الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * والذي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * والذي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * والذي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدين﴾.. يقول ما نصه: ﴿الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ أى الذى خلقنى لعبوديته يهدينى إلى قُرْبه، ﴿والذي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾ قال: يطعمنى لذة الإيمان ويسقينى شراب التوكل والكفاية، ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ قال: يعنى إذا تحركت بغيره لغيره عصمنى، وإذا ملت إلى شهوة من الدنيا منَعها علىّ، ﴿والذي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾ قال: الذى يميتنى ثم يحيينى بالذكر، ﴿والذي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدين﴾ قال: أخرج كلامه على شروط الأَدب بين الخوف والرجاء، ولم يحكم عليه بالمغفرة".
وفى سورة الصافات عند قوله تعالى فى الآية [١٠٧] :﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ قال ما نصه: "إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أحب ولده بطبع البشرية، تداركه من الله فضله وعصمته حتى أمره بذبحه، إذ لم يكن المراد منه تحصيل الذبح، وإنما كان المقصود تخليص السر من حب غيره بأبلغ الأسباب، فلما خلص السر له، ورجع عن عادة الطبع، فداه بذبح عظيم".
فهذه المعانى كلها مقبوله ويمكن إرجاعها بدون تكلف إلى اللَّفظ القرآنى بدون