هذا وقد ذكره المنصور بالله فى طبقات المعتزلة، وسيأتيك فى تفسيره ما يؤيد هذا القول.
أما وفاته فكانت سنة ٣٧٠ هـ (سبعين وثلاثمائة من الهجرى)، فرحمه الله ورضى عنه.
* *
* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه:
يُعَد هذا التفسير من أهم كتب التفسير الفقهى خصوصاً عند الحنفية، لأنه يقوم على تركيز مذهبهم والترويج له، والدفاع عنه. وهو يعرض لسور القرآن كلها ولكنه لا يتكلم إلا عن الآيات التى لها تعلق بالأحكام فقط، وهو - وإن كان يسير على ترتيب سور القرآن - مبوب كتبويب الفقه، وكل باب من أبوابه معنون بعنوان تندرج فيه المسائل التى يتعرَّض لها المؤلف فى هذا الباب.
* *
* استطراده لمسائل فقهية بعيدة عن فقه القرآن:
هذا.. وإن المؤلف - رحمه الله - لا يقتصر فى تفسيره على ذكر الأحكام التى يمكن أن تُستنبط من الآيات - بل نراه يستطرد إلى كثير من مسائل الفقه والخلافيات بين الأئمة، مع ذكره للأدلة بتوسع كبير، مما جعل كتابه أشبه ما يكون بكتب الفقه المقارن، وكثيراً ما يكون هذا الاستطراد إلى مسائل فقهية لا صلة لها بالآية إلا عن بُعْد.
فمثلاً نجده عندما عرض لقوله تعالى فى الآية [٢٥] من سورة البقرة: ﴿وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ يستطرد لمذهب الحنفية فى أن من قال لعبيده: مَن بشَّرنى بولادة فلانة فهو حر، فبشَّره جماعة واحداً بعد واحد أن الأول يُعتق دون غيره.
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [٢٦] من سورة يوسف: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ﴾... الآية، نجده يستطرد لخلاف الفقهاء فى مُدَّعى الُّقُطة إذا ذكر علامتها، وخلافهم فى اللقيط إذا ادَّعاه رجلان ووصف أحدهما علامة فى جسده، وخلافهم فى متاع البيت إذا ادَّعاه الزوج لنفسه وادَّعته الزوجة لنفسها، وخلافهم فى مصراع الباب إذا ادَّعاه رب الدار والمستأجر.. وغير ذلك من مسائل الخلاف التى لا تتصل بالآية إلا عن بُعْدٍ.
* *
* تعصبه لمذهب الحنفية:
ثم إن المؤلف - رحمه الله وعفا عنه- متعصب لمذهب الحنفية إلى حد كبير، مما جعله فى هذا الكتاب يتعسف فى تأويل بعض الآيات حتى يجعلها فى جانبه،