المؤلف يذكرها، ثم يأخذ فى تفريع الأحكام على هذه القصة المكذوبة، كأنها عنده من الثابت الصحيح.
* *
* تقديره لكشاف الزمخشرى:
كذلك يُلاحَظ على المؤلف فى تفسيره هذا أنه كثير النقل عن الكشاف للزمخشرى، مما يدل على أنه معجب به وبتفسيره إلى حد كبير، ولعل ذلك ناشىء عما بين الرجلين من صلة التمذهب بمذهب الاعتزال.
* *
* مسلكه فى أحكام القرآن:
أما مسلك المؤلف فى أحكام القرآن، فإنه يسرد أقوال السَلَف والخَلَف فى المسألة، فيعرض لما ورد عن الصحابة والتابعين، ويعرض لمذهب الشافعية، والحنفية، والمالكية، والظاهرية، والإمامية.... وغيرهم من فقهاء المذاهب، ذاكراً لكل مذهب دليله ومستنده فى الغالب. كما يذكر بعناية خاصة مذهب الزيدية واختلاف علمائهم فى المسألة التى يعرض لها، مع الإفاضة فى بيان أدلتهم التى استندوا إليها، والرد على مَن يخالفهم فيما يذهبون إليه.. كل هذا بدون أن نلحظ على الرجل شيئاً من القدح فى مخالفيه، كما يفعل غيره ممن سبق الكلام عنهم. وإليك بعض ما جاء فى هذا التفسير لتقف على مقدار دفاع المؤلف عن مذهبه، وعمله على تأييده بالبراهين والأدلة:
** رأيه فى نكاح الكتابيات:
فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [٥] من سورة المائدة: ﴿اليوم أُحِلَّ لَكُمُ الطيبات﴾.... إلى قوله: ﴿والمحصنات مِنَ المؤمنات والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾.... الآية، نراه يعرض لأقوال العلماء فى حكم نكاح الكتابيات فيقول: "ظاهر الآية جواز نكاح الكتابية، وهذا مذهب أكثر الفقهاء والمفسِّرين، ورواية عن زيد بن علىّ، والصادق، والباقر، واختاره الإمام يحيى بن حمزة وقال: إنه إجماع الصدر الأول من الصحابة، وإن عثمان قد نكح نائلة بنت الفرافصة وهى نصرانية، فلما توفى عثمان خطبها معاوية، فقالت: وما يعجبك منى؟ قال: ثنياتك، فقلعتهما وأمرت بهما إليه، ونكح طلحة نصرانية، ونكح حذيفة يهودية. وقال القاسم، والهادى، والناصر، ومحمد بن عبد الله، وعامة القاسمية، وهو مروى عن ابن عمر: إنه لا يجوز لمسلم نكاح كافرة، كتابية كانت أو غيرها، واحتجوا بقوله تعالى فى سورة البقرة: ﴿وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات حتى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢١].. قالوا هذا فى المشركات لا فى الكتابيات. قلنا: اسم المشرك ينطلق على أهل الكتاب، بدليل قوله تعالى - بعد ذكر اليهود والنصارى فى قوله: ﴿اتخذوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ الله﴾....