وليقومن من هذه الأمة مَن يفوقون الفرنجة فى الزراعة، والطب، والمعادن، والحساب، والهندسة، والفلك، وغيرها من العلوم والصناعات".
* *
* مسلك المؤلف فى تفسيره:
ولقد وضع المؤلف فى تفسيره هذا ما يحتاجه المسلم من الأحكام، والأخلاق، وعجائب الكون، وأثبت فيه غرائب العلوم وعجائب الخلق، مما يَشوِّق المسلمين والمسلمات - كما يقول - إلى الوقوف على حقائق معانى الآيات البيِّنات فى الحيوان والنبات، والأرض والسموات.
هذا.. وإن المؤلف - رحمه الله - ليقرر فى تفسيره أن فى القرآن من آيات العلوم ما يربو على سبعمائة وخمسين آية، فى حين أن علم الفقه لا تزيد آياته الصريحة على مائة وخمسين آية، كما يقرر " أن الإسلام جاء لأُمم كثيرة، وأن سور القرآن متممات لأُمور أظهرها العلم الحديث".
وكثيراً ما نجد المؤلف - رحمه الله - فى تفسيره يهيب بالمسلمين أن يتأملوا فى آيات القرآن التى ترشد إلى علوم الكون، ويحثهم على العمل بما فيها، ويندد بمن يُغفل هذه الآيات على كثرتها، وينعى على مَن أغفلها من السابقين الأوَّلين، ووقف عند آيات الأحكام وغيرها مما يتعلق بأُمور العقيدة.
نجد المؤلف يكرر هذه النغمة فى كثير من مواضع الكتاب فيقول فى موضع منه: "يا أمة الإسلام؛ آيات معدودات فى الفرائض اجتذبت فرعاً من علم الرياضيات، فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب الدنيا كلها.. هذا زمان العلوم، وهذا زمان ظهور نور الإسلام، هذا زمان رقيه، يا ليت شعرى.. لماذا لا نعمل فى آيات العلوم الكونية ما فعله آباؤنا فى آيات الميراث؟ ولكنى أقول: الحمد لله... الحمد لله، إنك تقرأ فى هذا التفسير خلاصات من العلوم، ودراستها أفضل من دراسة علم الفرائض، لأنه فرض كفاية، فأما هذه فإنها للازدياد فى معرفة الله وهى فرض عَيْن على كل قادر... إن هذه العلوم التى أدخلناها فى تفسير القرآن، هى التى أغفلها الجهلاء المغرورون من صغار الفقهاء فى الإسلام، فهذا زمان الانقلاب، وظهور الحقائق، والله يهدى مَن يشاء إلى صراط مستقيم".
ويقول فى موضع آخر: "إن نظام التعليم الإسلامى لا بد من ارتقائه، فعلوم البلاغة ليست هى نهاية علوم القرآن، بل هى علوم لفظه، وما نكتبه اليوم علوم معناه، وانطباقها على العلوم التى أظهرها الله فى الأرض، ولعل هذا الزمان سيظهر فيه آثار من