واضحة عن منهج المؤلف وطريقته التى سلكها فيه، وذلك أن المؤلف رحمه الله يفسر الآيات القرآنية تفسيراً لفظياً مختصراً، لا يكاد يخرج عما فى كتب التفسير المألوفة لنا والمتداولة بين أيدينا، ولكنه سرعان ما يخلص من هذا التفسير الذى يسميه لفظياً، ويدخل فى أبحاث علمية مستفيضة يسميها هو "لطائف" أو "جواهر".. هذه الأبحاث عبارة عن مجموعة كبيرة من أفكار علماء الشرق والغرب فى العصر الحديث، أتى بها المؤلف، ليبين للمسلمين ولغير المسلمين أن القرآن الكريم قد سبق إلى هذه الأبحاث ونبَّه على تلك العلوم قبل أن يصل إليها هؤلاء العلماء بقرون متطاولة.
ثم إننا نجد المؤلف - رحمه الله - يضع لنا فى تفسيره هذا كثيراً من صور النباتات، والحيوانات، ومناظر الطبيعة، وتجارب العلوم، بقصد أن يوضح للقارئ ما يقول توضيحاً يجعل الحقيقة أمامه كالأمر المشاهَد المحسوس.
كذلك نجد المؤلف - رحمه الله - يستشهد أحياناً على ما يقول بما جاء فى الإنجيل، واعتماده فيما ينقل على إنجيل "برنابا" لأنه - كما يرى - أصح الأناجيل، بل هو الإنجيل الوحيد الذى لم تصل إليه يد التحريف والتبديل كما قيل.
وكثيراً ما نرى المؤلف - رحمه الله - يشرح بعض الحقائق الدينية بما جاء عن أفلاطون فى جمهوريته، أو بما جاء عن إخوان الصفا فى رسائلهم، وهو حين ينقهلا يُبدى لنا رضاه عنها، وتصديقه بها، مع أنها تخالف الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أنه يستخرج كثيراً من علوم القرآن بواسطة حساب الجُمَّل الذى لا نُصدَّق أنه يوصل إلى حقيقة ثابتة، وإنما هى عدوى تسربت من اليهود إلى المسلمين، فتسلَّطت على عقول الكثير منهم.
هذا.. وإنَّا لنجد المؤلف - رحمه الله - يُفسِّر آيات القرآن تفسيراً علمياً يقوم على نظريات حديثة، وعلوم جديدة، لم يكن للعرب عهد بها من قبل، ولست أرى هذا المسلك فى التفسير إلا ضرباً من التكلف، إن لم يذهب بغرض القرآن، فلا أقل من أن يُذهب بجلاله وجماله.
وإليك بعض ما جاء فى هذا التفسير:
* نماذج من هذا التفسير:
فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [٦١] من سورة البقرة: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ ياموسى لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ وَاحِدٍ فادع لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرض مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ﴾...