ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآيتين [٥، ٦] من سورة طه: ﴿الرحمان عَلَى العرش استوى * لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثرى﴾.. نجده يقول: ".. قوله: ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ دخل فى ذلك عوالم السحاب والكهرباء وجميع العالم المسمى "الآثار العلوية" وهو من علوم الطبيعة قديماً وحديثاً، وقوله: ﴿وَمَا تَحْتَ الثرى﴾ يشير لعلمين لم يُعرفا إلا فى زماننا، وهما علم طبقات الأرض، المتقدم مراراً فى هذا التفسير، وعلم الآثار، المتقدم بعضه فى سورة يونس.. فالله هنا يقول: ﴿وَمَا تَحْتَ الثرى﴾ ليحرص المسلمون على دراسة علوم المصريين التى تظهر الآن تحت الثرى".
ومثلاً عند قوله تعالى فى الآية [٣٠] من سورة الأنبياء: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الذين كفروا أَنَّ السماوات والأرض كَانَتَا رَتْقاً﴾.... الآية، يقول: "ها أنت قد اطلعت على ما أبرزه القرآن قبل مئات السنين، من أن السموات والأرض - أي الشمس والكواكب وما هى فيه من العوالم - كانت ملتحمة ففصلها الله تعالى، وقلنا: إن هذه معجزة، لأن هذا العلم لم يعرفه الناس إلا فى هذه العصور، ألا ترى أن كثيراً من المفسِّرين قالوا: إن الكفار فى ذلك الوقت ليس لديهم هذا العلم. فكان جوابهم على ذلك أنهم أخبروا به فى نفس هذه الآية، فكأن الآية تستدل عليهم بنفس ما نزلت به، وذلك أن هذه الأمور لم تُخلق. وقد أخذ العلماء يُؤوِّلون تأويلات شتَّى لفرط ذكائهم وحرصهم رحمهم الله، وها نحن أُولاء نجد هذه العلوم المكنونة المخزونة قد أبرزها الله على أيدى الفرنجة، كما نطق القرآن هنا، كأنه يقول: سيرى الذين كفروا أن السموات والأرض كانت مرتوقة ففصلنا بينهما، فهو وإن ذكرها بلفظ الماضى فقد قصد منه المستقبل كقوله تعالى: ﴿أتى أَمْرُ الله﴾.. وهذه معجزة تامة للقرآن، وعجيبة من أعجب ما يسمعه الناس فى هذه الحياة الدنيا"..
ومثلاً عند قوله تعالى فى الآية [١٥] من سورة الرحمن: ﴿وَخَلَقَ الجآن مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ﴾.. نجده يقول: "والمارج المختلط بعضه ببعض، فيكون اللَّهب الأحمر والأصفر والأخضر مختلطات، وكما أن الإنسان من عناصر مختلفات هكذا الجان من أنواع من اللَّهب مختلطات، ولقد ظهر فى الكشف الحديث أن الضوء مركّب من ألوان سبعة غير ما لم يعلموه. فلفظ المارج يشير إلى تركيب الأضواء من ألوانها السبعة، وإلى أن اللهب مضطرب دائماً، وإنما خُلِق الجن من ذلك المارج المضطرب، إشارة إلى أن نفوس الجان لا تزال فى حاجة إلى التهذيب والتكميل. تأمل فى مقال علماء الأرواح الذين