وفى رواية أخرى: ولكن الله خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته، ثم أنزل بذلك قرآناً على نبيه... (الخبر).
قال المولى: وسيأتى بقية الأخبار مفصَّلة. وهكذا كثيراً ما يُطلق تجوُّزاً على مُقرِّبى الرجل وأعوانه أسامى جوارحه وأعضائه وسائر ما يختص به فى النفع كما يقال للوزير الكامل المقرَّب عند السلطان النافع له جداً: إنه يده وسيفه وعينه.. وهكذا بناء على أنه فى الدفع والنفع والقُرب والعِزَّة مثل ذلك، حتى إنه قد يقال: إنه روحه ونفسه، بل ربما يقال إنه السلطان تجوُّزاً بمعنى أنه جعل إطاعته إطاعته، ومخالفته مخالفته، بحيث لا يرضى بغير ذلك (ص ٩).
ثم عقد الفصل الرابع فى بيان ما يدل على أن الواجب على الإنسان أن يؤمن بظاهر القرآن وباطنه، وتنزيله وتأويله معاً، كما أن الواجب الإيمان بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه، وبسائر ما يتعلق بذلك جميعاً مفصَّلاً أو على سبيل الإجمال إن لم يعلم التفصيل من طريق أهل البيت الذين هم أدرى بما فى البيت. وأن مَن أنكر الظاهر كافر وإن أقر بالباطن، كما هو مذهب الباطنية من ملاحدة الخطابية والإسماعيلية وغيرهم القائلين بسقوط العبادات كما سيظهر، وكذا بالعكس: أى إنكار الباطن وإن أقر بالظاهر، على كل مؤمن أن لا يجترئ بإنكار ما نُقِل عن الأئمة عليهم السلام فى ذلك تفسيراً وتأويلاً وإن لم يفهم معناه ولم يدرك مغزاه.
ثم ساق من الروايات ما يدل على ذلك، وكلها منسوبة إلى أهل البيت، فمن ذلك ما روى عن الباقر عليه السلام أنه قال: "إن الله عزَّ وجَلَّ قد أرسل رسله بالكتاب وبتأويله، فمن كذَّب بالكتاب أو كذَّب بما أرسل به رسله من تأويل الكتاب فهو مشترك" (ص ٩).
ومنها ما روى عن الهيثم التميمى، قال: "قال أبو عبد الله عليه السلام: يا هيثم؛ إن قوماً آمنوا بالظاهر وكفروا بالباطن فلم ينفعهم ذلك شيئاً، وجاء قوم من بعدهم فآمنوا بالباطن وكفروا بالظاهر فلم ينفعهم ذلك شيئاً.. لا إيمان بظاهر إلا بباطن، ولا بباطن إلا بظاهر" (ص ٩).
وعقد الفصل الخامس فى بيان ما يدل على أن علم تأويل القرآن كله عند الأئمة عليهم السلام، وما ذكر فى الأخبار الواردة فى المنع من تفسير القرآن بالرأى وبغير سماع من الأئمة، وفى الجمع بينها وبين ما يعارضها من الآيات والروايات وتوجيه ما هو الحق فى ذلك، فقال: اعلم أنه لا ريب فى اطلاع النبى والأئمة على جميع وجوه آيات القرآن ومعانيها كلها، ظواهرها وبواطنها، تنزيلها وتأويلها، وأنهم الذين عندهم علم الكتاب كله، كما أنزله الله فى بيتهم، فإن أهل البيت أدرى بما فى البيت، وقد


الصفحة التالية
Icon