أولناه على وفقه بعد الإشارة إلى ورود التأويل وموضعه، بل مع إعادة ذكر أكثر النصوص فى مواردها. ثم من هذه التأويلات ما هو على نهج الكناية والتعريض والمجازات العقلية. ومنها ما هو من قبيل المجاز اللُّغوى، وها نحن نرتب هذه المقدمة على مقالتين، نذكر فى إحداهما مظاهره على النهج الأول مما لا بد من إفراد ذكره، وفى الأخرى سائر التأويلات العامة مع نصوصها. ثم نلحقها بخاتمة نختم بها المقدمات" (ص ٣٦).
ثم ذكر المقالة الأولى: فجعلها فى بيان بعض التأويلات التى لا بد من إفراد ذكرها من حيث عِظَم فوائدها، وجُلّها من قبيل المجازات العقلية، والتجوُّز فى الإسناد، والكناية، والتعريض وإن أمكن التكلف فى إدخال بعضها تحت المجاز اللُّغوى، وقد جعل هذه المقالة مشتملة على سبعة فصول:
جعل الفصل الأول منها: فى بيان ما يظهر من الأخبار من أن الله عَزَّ وجَلَّ كثيراً ما أراد فى كتابه بحسب الباطن بالألفاظ والخطابات الواردة ظاهراً على سبيل العموم خصوص بعض أفراد ما صدقت عليه، كالأئمة أو شيعتهم أو أعدائهم أو نحو ذلك. قال: ويدل على هذا أحاديث كثيرة، منها ما سيأتى فى تأويل الكافرين: بمن كفر بالولاية، والمنافقين: بمن نافق فيها، والمشركين: بمن أشرك مع الإمام مَن ليس بإمام، وأشباه ذلك.. ثم قال: والحق أنه إذا تأمل بصيرٌ فى أكثر ما ورد من تفسير البطن علن أن معظم ذلك من هذا القبيل، وهو مجاز شائع ذائع استعماله فى كثير من الألفاظ العامة والمطلقة ونحوها... إلخ (ص ٣٦).
وجعل الفصل الثانى: فى بيان ما يظهر من الأخبار أن الله تعالى كثيراً ما يخاطب بخطاب أو وصف صادق على الماضين من أهل أزمان النبى ﷺ والأُمم السالفة بحسب الظاهر، ومراده بحسب التأويل والباطن مَن صدق ذلك الخطاب أو الوصف عليه من هذه الأُمة بالنظر إلى حال الإمامة والولاية وإن لم يكن فى ذلك الزمان.. ثم ذكر فى ضمن ما رواه من الأخبار الدالة على ذلك ما جاء فى تفسير العياشى عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله فى قوله عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَمِن قَوْمِ موسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحق وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٩].. قال: قوم موسى: هم أهل الإسلام. قال المولى: "والظاهر أن مراده عليه السلام: أن نظيره جار فيهم، وإنما ذكر فى الآية تمثيلاً لحال هذه الأُمة، ويؤيده ما سيأتى فى الأئمة، فلا ينافى هذا ما هو الظاهر من الآية من وجود جماعة فى قوم موسى هادين إلى الحق صريحاً كما يظهر من بعض الأخبار" (ص ٣٧).


الصفحة التالية
Icon