ثالثاً: معانى القرآن الظاهرة متناسبة مع معانيه الباطنة.
رابعاً: المعانى الباطنة ليست جملتها مما استعمل فيها اللَّفظ على سبيل الحقيقة بل أكثرها ومعظمها على طريق التجوُّز ونهج الاستعارة وسبيل الكناية ومن قبيل المجازات اللُّغوية والعقلية، وهذا فى تقديره أمر لا غرابة فيه ولا استبعاد، إذ أن أبواب التجوُّز فى كلام العرب واسعة، وموارده فى عبارات الفصحاء سائغة.
خامساً: يجب على الإنسان أن يؤمن بظاهر القرآن وباطنه على السواء، كما يجب عليه أن يؤمن بمحكم القرآن ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وبسائر ما يتعلق بذلك تفصيلاً أو إجمالاً إن لم يعلم التفصيل من أهل البيت، ومَن أنكر الظاهر وأقرَّ بالباطن أو العكس فهو ملحد كافر، بل ويجب على كل إنسان أن يُصدِّق بكل ما نُقِل عن الأئمة من تفسير وتأويل وإن لم يفهم معناه، ومن الجرأة أن ينكر أحد شيئاً من ذلك لخفائه عليه.
سادساً: علم تأويل القرآن جميعه عند الأئمة، وهذا أمر اختُصوا به دون مَن عداهم، فلهذا لا يجوز لأحد أن يُفسِّر القرآن برأيه وبدون سماع منهم، لأنه لا شبهة فى أن مَن عداهم تقصر علومهم وتعجز أفهامهم عن الوصول إلى كثير من ظواهر القرآن فضلاً عن بواطنه وتأويله.
سابعاً: ما علم الله صدوره من هذه الأُمة المحمدية فى الأزمنة المستقبلة - أى بعد نزول القرآن - أشار الله إليه ونَبَّه عليه فى كتابه الكريم، فكل ما جَدَّ ويَجِدّ من الحوادث بعد نزول القرآن يُستفاد من آياته عن طريق تأويلها، وهذا أبلغ فى الإعجاز وأجمل للإيجاز، فقوله تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ﴾ [الانشقاق: ١٩] تأويله الإخبار من الله بأن هذه الأُمة ستسلك سبيل مَن كان قبلها من الأُمم فى الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء.
ثامناً: القرآن الذى جمعه علىّ عليه السلام وتوارثته الأئمة من بعده هو القرآن الصحيح، وما عداه وقع فيه التغيير والتبديل، فكل ما ورد صريحاً فى مدح أهل البيت وذم شانئيهم أُسْقِط من القرآن أو حُرِّف وبُدِّل، ولعلم الله بما سيكون من التغيير والتبديل لم يكتف الله تعالى بالإرشاد إلى أمر الإمامة والولاية وفضائل أهل البيت ومثالب أعدائهم بما صرَّح به القرآن، بل أرشد إلى ذلك أيضاً بحسب ما يدل عليه باطن اللَّفظ وتأويله، لتقوم بذلك الحُجَّة على الناس وإن حُرِّف القرآن وبُدِّل.
تاسعاً: كثيراً ما يريد الله فى كتابه بحسب الباطن بالألفاظ والخطابات الواردة ظاهراً على سبيل العموم خصوص بعض أفراد ما صدقت عليه، كالأئمة أو شيعتهم أو أعدائهم أو نحو ذلك، كما ورد فى تأويل "المشركين" بمن أشرك مع الإمام مَن ليس بإمام.