قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا نَرَى الْقُرَّاءَ عَرَضُوا الْقِرَاءَةَ عَلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِهَا، ثُمَّ تَمَسَّكُوا بِمَا عَلِمُوا مِنْهَا مَخَافَةَ أَنْ يَزِيغُوا عَمَّا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، وَلِهَذَا تَرَكُوا سَائِرَ الْقِرَاءَاتِ الَّتِي تُخَالِفُ الْكِتَابَ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى مَذَاهِبِ الْعَرَبِيَّةِ فِيهَا إِذَا خَالَفَ ذَلِكَ خَطَّ الْمُصْحَفِ، وَإِنْ كَانَتِ الْعَرَبِيَّةُ فِيهَا أَظْهَرَ بَيَانًا مِنَ الْخَطِّ، وَرَأَوْا تَتَبُّعَ حُرُوفِ الْمَصَاحِفِ، وَحَفْظَهَا عِنْدَهُمْ كَالسُّنَنِ الْقَائِمَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَدَّاهَا، وَقَدْ وَجَدْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ وَغَيْرِ مَرْفُوعٍ
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ كَمَا عَلِمَ»
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ الْقَرَأَةَ، فَوَجَدْتُهُمْ مُتَقَارِبَيْنِ، فَاقْرَءُوا كَمَا عَلِمْتُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَالِاخْتِلَافَ وَالتَّنَطُّعَ، فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ: هَلُمَّ وَتَعَالَ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَحَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: إِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ سُنَّةٌ مِنَ السُّنَنِ، فَاقْرَءُوهُ كَمَا أُقْرِئْتُمُوهُ
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: الْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ. -[٣٦٢]- قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَوْلُ زَيْدٍ هَذَا يُبَيِّنُ لَكَ مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَلِي نَسْخَ الْمَصَاحِفِ الَّتِي أَجْمَعَ عَلَيْهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، فَرَأَى اتِّبَاعَهَا سُنَّةً وَاجِبَةً. وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا:


الصفحة التالية
Icon