والسلام إثر هجرته إلى المدينة، وقد كانت هي وما حولها منطقةّ نفوذٍ لهم منذ حطوا عليها فراراً من وطأة الرومان، قبل المبعث بنحة خمسة قرون، فتسلطوا على مواردها الإقتصادية ومزقوا الوجود العربي فيها، بالعداوة والبغضاء.
وخلاصة القصة، أن "أبا ياسر بن أخطب" مر بالمصطفى عليه الصلاة والسلام عام الهجرة، وهو يتلو فاتحة سورة البقرة، أول سورة نزلت بالمدينة:
﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾
فأتى أبو ياسر أخاه "حيى بن أخطب" في نفر من يهود، فنقل إليهم ما سمع مما يتلو المصطفى من القرآن. فمشى "حيى" في النفر من قومه إلى رسول الله - ﷺ -، فسأله فيما تلا من فاتحة البقرة، فلما استوثق منه قال: "لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بينَّ لنبي منهم ما ملكُه وما أجَلُ أمتِه غيرَك: الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون. فهذا إحدى وسبعون سنة، أفندخل في دين نبي إنما مدة مُلكه وأجَل أمته إحدى وسبعون سنة؟ "
ثم استطرد يسأل: يا محمد، هل معك مع هذا غيرهُ؟
قال عليه الصلاة والسلام: نعم، المَصْ.
قال حيى: هذه أثقل وأطول: الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فهذا إحدى وستون ومائة سنة، هل مع هذا غيره؟
رد المصطفى: نعم، الر.
قال اليهودي: هذه أثقل وأطول: الألف واحدة واللام ثلاثون الراء مائتان، فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة، هل مع هذا غيره؟
ولما ذكر المصطفى عليه الصلاة والسلام: المر، أحصاها حيى بن أخطب على حساب أبى جاد، فهي إحدى وسبعون ومائتان سنة.
وعندها توقف، ثم قام وهو يقول للنبي عليه الصلاة والسلام: