الآيات بعدها من ثقل العبء، من حيث لا أرى هذه السور تنفرد عن سائر سور القرآن، بهذا الملحظ.
وإنما أتابع ما قرره "ابن كثير" في "أن كل سورة افتتحت بالحروف فلابد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه. وهذا معلوم بالاستقراء، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة"
وهو استقراء كامل كما ترى، وان اكتفى "الحافظ" بأن استئهد بسبع مبتدأة بالفواتح، ومعها مفتتح ثلاث سور من الحواميم.
وفيها جميعاً يأتي ذكر الكتاب أو القرآن والتنزيل، في مستهل السور. وقد علق ناشر (تفسير ابن كثير) - السيد محمد رشيد رضا - على هذا الملحظ، فكتب بهامشه: "ولكن الاستقراء غير تام، لأن سورة مريم ليست كذلك". ومن قبله التفت "الفخر الرازي، والزركشي" إلى أن سورة مريم، ومعها سورتا العنكبوت والروم، افتتحت بالحروف المقطعة، دون أن يليها ذكر القرآن أو الكتاب:
مريم: ﴿كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾
العنكبوت: ﴿الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾
الروم: ﴿الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾
ولم يفت الرازي والزركشي تخلفُ هذه السور الثلاث عن الملحظ في مجئ الكتاب أو القرآن والتنزيل، في مستهل السور المفتتحة بالحروف المقطعة، على ما نقلنا من كلامها آنفاً.
على حين لا نرى وجهاً لتعليق السيد محمد رشيد رضا على ملحظ "ابن كثير" من حيث لم يُقيده بالآيات التاليه للفواتح في مستهل السور، وإنما أطلق القول بأن "كل سورة افتتحت بالحروف فلابد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه".


الصفحة التالية
Icon