وفي منهجنا، لا تؤخذ الباء هنا بمعزل عن نظائرها، وقد نلحظ في آيات قرآنية أن الباء تقترن بخبر المنفي بـ "ليس" فلا تؤكد النفي، بل تنقضه وترده تقريراً وإلزاماً مثل قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾
الباء فيها لم تؤكد النفي، بل هي تنقُضه وتجعله تقريراً وإثباتاً.
فلننظر إذن في كل الآيات التي يقترن فيها خبر "ما وليس" بالباء، مقارَنةَ بالتي استغنى الخبر فيها عن هذه الباء، لعل الاستقراء يهدينا إلى ملاحظ بيانية في الكتاب العربي المبين المحكمّ، تعطي سر هذه الباء: متى تلزم الخبر؟ ومتى يستغنى عنها؟
ونبدأ بخبر "ما" غير المتلوة بكان، فنلحظ في النظم القرآني أن الباء تلزمه في الآيات المحكَمات:
البقرة ٨: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾
البقرة ٧٤: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾
معها آيات: البقرة ٨٥، ١٤٠، ١٤٤، ١٤٩، آل عمران ٩٩.
الأنعام ١٣٢: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾
معها: هود ١٢٣، النمل ٩٣.
الأنعام ١٠٧: ﴿وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾
معها: الشورى ٦.
البقرة ٩٦: ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾
البقرة ١٠٢: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾.
ق ٢٩: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾
معها: فُصلت ٤٦.


الصفحة التالية
Icon