والكلام فيها يطول: فالحذف فيها ليس مما يطرد على قواعد النحاة، وإنما هو مما يجوز ولا يطرد.
وقد اختلف علماء الأحكام والمفسرون في القول بنسخها أو إحكامها، وفي تأويلها على القولين:
منهم من قال إنها منسوخة، والقول بنسخها هو أول ما أورده "الطبري" من الأقوال في تفسيرها:
"قال بعضهم، كان ذلك في أوَّل ما فُرض الصوم، وكان من أطاقه من المقيمين - غير المسافرين - صامه إن شاء، وإن شاء أفطره وافتدى فأطعم لكل يوم أفطره مسكيناً، حتى نُسخ ذلك، فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر"
يعني النسخ يقوله تعالى في الآية بعدها:
﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ ١٨٥.
على أن الإمام الطبري، نقل كذلك، بعد القول بنسخ الحكم في الآية، قولَ آخرين: "لم يُنسخ ذلك ولا شيء منه. وهم حُكم مثبت مِن لَدُنْ نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة".
وأصح الأقوال فيها عنده "أبي جعفر النحاس"، أنها منسوخة، ومن لم يجعلها منسوخة فبمعنى يطيقونه على جهد، أو كانوا يطيقونه. ولم يتعرض لقول بتقدير "لا" محذوفة ونقل فيها "أبو بكر الجصاص" في كتابه (أحكام القرآن) سورة البقرة، أقوالاً ثلاثة. أنها منسوخة، وغير منسوخة، وأن حكم النسخ للصحيح المقيم والمريض المسافر، والإفطار والفدية للشيخ لا يرجى له قضاء في أيام أخر. "فحكمة إيجاب الفدية في الحال، من غير خلاف أحد من نظرائهم - القائلين به - فصار ذلك إجماعاً لا يسع خلافه".


الصفحة التالية
Icon