وإثبات النبوات، وكتابه فى نظم القرآن، علم أن له فى الإسلام غناء عظيمًا لم يكن الله عز وجل ليضيعه عليه، ولا يُعرف كتاب فى الاحتجاج لنظم القرآن وعجيب تأليفه وأنه حجة لمحمد على نبوته غير كتاب الجاحظ.
ونقل أبو حيان التوحيدى" فى (البصائر) قول أبى حامد القاضى "فى
كتاب أبى زيد البلخى:
"لم أر كتابا فى القرآن مثل كتاب لأبى زيد البلخى، وكان فاضلا يذهب
إلى رأى الفلاسفة، لكنه يتكلم فى القرآن بكلام لطيف دقيق فى مواضع،
وأخرج سرائره وسماه نظم القرآن، ولم يأت على جميع المعاني فيه".
***
وتلقى القرن الرابع هذا الجهد فلم يجد فيه مع ذلك ما يغنى، بل كان فى
تقديره كما قال القاضى أبو بكر الباقلاني في (إعجاز القرآن) :
لأوقد كان يجوز أن يقع ممن عمل الكتب النافعة فى معاني القرآن وتكلم فى
فوائده من أهل صنعة العربية وغيرهم من أهل صناعة الكلام، أن يبسطوا
القول فى الإبانة عن وجه معجزته والدلالة على مكانه، فهو أحق بكثير
مما صنفوا فيه من القول... فالحاجة إليه أمَس، والاشتغال به أوجَبُ.
"وقد قصَّر بعضهم فى هذه المسألة حتى تحول قوم منهم إلى مذاهب البراهمة
فيها، ورأوا أن عجز أصحابهم عن نصرة هذه المعجزة يوجب أن لا مستنصرَ
فيها ولا وجه لها، حين رأوهم قد برعوا فى لطيف ما أبدعوا وانتهوا إلى الغاية
فيما أحدثوا ووضعوا، ثم رأوا ما صنفوه فى هذا المعنى - إعجاز القرآن - غير كامل فى بابه ولا مستوفى فى وجهه، قد أخِل بتهذيب طرقه وأهمل ترتيب