حَلَفَ وأقسم:
كثيراً ما يُفسر أحدهما بالآخر. وقلما نفرق بينهما المعاجم.
وقد تأتي "حلف" في شواهد من الشعر الجاهلي بمعنى أقسم، في مثل قول
"النابغة الذبيانى": * حلفت فلم أترك لنفسك ريبة *
وقول "الأعشى": * حلفت له بالراقصات إلى مِنىً *
وشاس بن عبدة: * حلفتُ بما ضمَّ الحجيج إلى منى *
ولكن اللافت من حِس العربية النقية، أنها تقول: حِلفة فاجر، وأحلوفة كاذبة، ولم يُسمع بَرً وأحلوفة صادقة، إلا أن تأتي مجازاً.
وفي العربية: أحَلفَ الغلامُ، جاوز رُهاق الحُلمُ فشُكَّ في بلوغه. وقد قالت العرب: ناقة محلفة السنام، للمشكوك في سنها. وقالت: كميت محلفة، إذا اشتبه لونها بين الأحوى والأحم، فإذا كانت صافية الكُمتة، قالوا: كميت غير محلفة. وقالوا: حضارِ والوزنُ محِلفان، وهما كوكبان يطلعان قبل سُهيل، فيُظن بكل واحد منهما أنه سهيل.
فهل يكون ما في الشعر من "حلف" في غير موضع الشك والريبة، من الضرورات الشعرية؟
نحتكم إلى البيان الأعلى، في النص المحكم الموَثَّق، فيشهد الاستقراء الكامل بمنع ترادفهما:
جاءت مادة "ح ل ف" في ثلاثة عشر موضعاً، كلها بغير استثناء، في الِحنْث باليمين.
والغالب أن يأتي الفعل مسنداً إلى المنافقين، كآيات التوبة التي فضحت زيف نفاقهم:


الصفحة التالية
Icon