فيه طول. وقال الفراء في معنى الآية: وهو المتغير، وأصله من قولهم: سننت الحجر على الحجر إذا حككته. وما يخرج من الحجرين يقال له السنانة والسنين. ومنه المِسَنُّ.
والمعاجم تجمع بين هذه الأقوال، مع شواهدهم لها: (ص، ل، ق، س). واختلف أهل التأويل كذلك في معناهما في الآية: نقل فيه الطبري قول بعض أهل العلم بلغات العرب من البصريين، ومن الكوفيين، كالذي نقلنا عن سيبويه والفراء - ولم يسمهما - وأسند عن ابن عباس، قال: الحمأ المنتن، وعنه: هو الطين الرطب، وعن مجاهد وقتادة بلفظ: الحمأ المسنون الذي قد تغير وأنتن. وعن ابن عباس أيضاً، قال: خلق الإنسان - آدم - من ثلاثة: من طين لازب، وصلصال، وحمأ مسنون. فالطين اللازب اللازق الجيد، والصلصال المرقق الذي يصنع منه الفخار، والمسنون الطين فيه الحمأة.
قال الطبري: والذي هو أوْلى بتأويل الآية: أن يكون الصلصال في هذا الموضع الذي له صوت من الصلصلة وذلك أن الله تعالى شبهه بالفخار ﴿مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ ليُيْسِه. وأما قوله ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ فإن الحمَأ جمع حمأة، وهو الطين المتغير إلى السواد.
وذكر الراغب في الباي: السَّن واحد الأسنان، وسنَّ الحديدَ بالمِسَنَّ، وسنان الرمح، وسنَنَ الطريق، وسنة الوجه، وسنة النبي - ﷺ - طريقته، وسنُة الله تعالى قد يقال لطريقة حكمته وطريقة طاعته. وقوله تعالى: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ قيل: متغير. (المفردات).
ولا يخرج عن هذا ما أورده الزمخشري من معاني سن، الأصلية والمجازية (س) وبمزيد تفصيل في جامع القرطبي. والله أعلم.
وأما الشاهد من بيت حمزة - رضي الله عنه - في النبي - ﷺ -، فما أدري وجه الاستشهاد به لتأويل حمأ مسنون في المسألة، بالسواد المصور، أو الشاط كما زاد في (ك، ط) وهو في اللغة الزيت المحروق.


الصفحة التالية
Icon