وإذ كانت صفة الشعر هي أقرب ما تعلقوا به، حرص القرآن على أن ينفي عن المصطفى عليه الصلاة والسلام هذه الشاعرية، لا ذمًّا للشعر كما ذهب الباقلانى في الفصل الذي عقده "في نفي الشعر من القرآن"د
ولكن لأن الشعر مظنة الالتباس بالمعجزة البيانية، نفاذاً إلى الوجدان العربي وسلطاناً على عقولهم وأفئدتهم وضمائرهم.
وأول ما نزل من ذلك، آية "يس" المكية:
﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ ٦٩، ٧٠.
ونص الآية صريح في أنها تحديد لصفة القرآن وبيان لمهمته ورسالته، وليست إعلاناً عن موقف عداء للشعر.
بعدها نزلت آية "الصافات" ترد على من جادلوا في المعجزة:
﴿وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ﴾ ٣٦، ٣٧.
ثم آية الأنبياء:
﴿بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾ - ٥.
وآية الطور:
﴿فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ﴾ ٢٩: ٣١
وكل هذه الآيات مكيات، وكذلك آية "الحاقة" التي نزلت في أواخر العهد