فهو بيان له، ولو تأخر - أي: وقارا لله - لكان صلة للوقار (الكشاف) وفيه بُعد من تكلف الصنعة.
والفعل من الرجاء يأتي في القرآن الكريم على الوجهين، قال الراغب: ﴿لَا تَرْجُونَ﴾ : لا تخافون - وأنشد بيت أبي ذؤيب - وبالضد قال تعالى: ﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾ ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ﴾ - المفردات.
قال الفراء في الآية: وقد قال بعض المفسرين أن معناه: تخافون، ولم نجد معنى الخوف يكون رجاء إلا ومعه جحد، والعرب لا تذهب بالرجاء مذهب الخوف إلا مع الجحد. وحكاه عنه الأزهري في تهذيب اللغة.
وقال السجستاني: والرجاء يكون طمعاً ويكون خوفاً، وفي القرآن في معنى الطمع ﴿وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾ ﴿وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ﴾ ﴿ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا﴾ قال كعب (بن زهير) :
أرجو وآمُل أن تدنو مودتها... وما إخال لدينا منك تنويلُ
والرجاء في القرآن بمعنى الخوف كثير: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ﴾ ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ ﴿ارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ وقال أبو ذؤيب:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها... وخالفها في بيت نُوبٍ عواملِ
(الأضداد، ف ٨ / ١١٠).
فهل من ضابط لهذه الضدية، في البيان القرآني؟
قد يشهد لقول الفراء إنها لا تجئ في معنى الخوف إلا جحداً، الاستقراء للكلمة في القرآن الكريم وتدبر سياقها:
جاءت وفي مثل سياق آية نوح مع الجحد، في قوله تعالى:
﴿لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ يونس ٧، ١١، ١٥، والفرقان ٢١.
﴿لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ الجاثية ١٤.
﴿لَا يَرْجُونَ نُشُورًا﴾ الفرقان ٤٠.