وغيره، فلا يصح والحال هذه أن يكونوا شاكين في ذلك".
* * *
واحتدم الجدل على امتداد العهد المكي، من أول المبعث إلى آخر سورة نزلت بمكة وهي سورة المطففين على المشهور:
إن محمداً بشر لا يُنكر بشريته، فلماذا لا يقولون إنه تقوَّل القرآن، فهو أفك افتراه، وما عدا أن يكون من قول البشر؟
وفيهم من يكتتبون أساطير الأولين، فماذا عليهم لو زعموا أنها أساطير اكتتبها؟
وفيهم كذلك من التقطوا كلمات من صحف الأولين، وقد يفوت الأمر على من لم يسمعوا القرآن، لو أن المشركين ادعوا إنه تلقى كلمات من تلك الصحف، فهي تُملى عليه بكرة وأصيلاً؟
ويسجل القرآن مفترياتهم لا يكتمها، ويجادلهم فيها بما يهدي كلَّ ذي عقل وبصيرة إلى وجه الزيف فيما زعموا، كما في آيات:
القلم: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ ١٠: ١٥.
﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ ٤٥: ٤٧
المدثر: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ