وموسى عليه السلام، عاجز بآيته قوم فرعون، فندب له أمهر السحرة في زمانه.
طبيعة الموقف إذن تفرض أن يعاجز القرآن من يتوهمون في أنفسهم القدرة على الإتيان بمثله نم أمراء البيان، وإن أطلق التحدي عاماً للناس جميعاً.
ويؤنس إلى تعلق التحدي بأبلغ بلغائهم قوله تعالى في آيتي التحدي، من سورتى يونس وهود: ﴿وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
بما تُفهِم من مطالبتهم أن يدعوا للإتيان بمثل هذا القرآن، من يرونهم كفئاً له ويتوهمون أنهم قادرون عليه.
وفي هذا يقبل ما ذكره الباقلانى من تفاوت مراتبهم في البلاغة، دون أن يختلط بسياق إدراكهم جميعاً لإعجاز القرآن.
ونعجب مع الباقلانى لمن "ذهب إلى أن الكل قادرون على الإتيان بمثله، وإنما يتأخرون عنه لعدم العلم بوجه ترتيبٍ لو علموه لوصلوا إليه. وأعجب منه قول فريق منهم إنه لا فرق بين كلام البشر وكلام الله تعالى في هذا الباب، وإنه يصح من كل واحد منهما الإعجاز على حد واحد".
ونراها مما أقحمه بعض المتكلمين على قضية التحدي، فكا خطر على بال المشركين حين تورطوا جدلاً في أن القرآن من قول البشر، أن أحداً من أبلغ بلغائهم يقدر على الإتيان بمثله.
* * *
والقرآن يتحدى الجن مع الإنس.
ونفهم من معاجزة الجن، ما تواترت به المرويات من أن العرب كان الشعر يبهرها فتتصور أن لكل شاعر فحل تابِِعَه من الجن يظاهره ويلهمه روائع القصيد. وشاهده في آية التحدي من سورة الإسراء:


الصفحة التالية
Icon