به. فشيخهم "النظام" يقرر أن "الآية والأعجوبة في القرآن، ما فيه من الإخبار عن الغيوب".
وأهل السنة لم يترددوا في تقرير أن هذا وجه من وجوه الإعجاز، لكنه عندهم ليس الوجه العام الذي يتحقق في كل سورة، فتقع به المعاجزة. والأمر فيه كما قال الخطابي:
"وزعمت طائفة أن إعجازه إنما هو فيما يتضمنه من الإخبار عن الكوائن في مستقبل الزمان. نحو قوله سبحانه:
﴿الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ وكقوله سبحانه: ﴿قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾.
ونحوهما من الأخبار التي صدقت...
"قلت: ولا يُشَك في أن هذا وما أشبهه من أخباره، نوع من أنواع إعجازه. ولكنه ليس بالأمر العام في كل سورة من سور القرآن. وقد جعل سبحانه في صفة كل سورة أن تكون معجزة بنفسها لا يقدر أحد من الخلق أن يأتي بمثلها فقال:
﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ من غير تعيين - للسورة - فدل ذلك على أن المعنى غير ما ذهبوا إليه.
ويوضح القاضي عبد الجبار مذهب المعتزلة في هذا الوجه: إن اعتبرُ به في صدق النبوة فصحيح، وأما أن يقال إنه مناط التحدي بإعجاز القرآن، فبعيد. أو كما قال:
"فأما من قال إنه - ﷺ - إنما تحدى بالقرآن من حيث تضمن الإخبار عن الغيوب، فبعيد، لأنه قد تحدى بمثل كل سورة من غير تخصيص، ولا يتضمن كل ذلك الإخبار عن الغيوب. ولأنا نعلم أنه تحدى بجملته لا ببعضه".