"واغسلوا " لقرب معناه من " امسحوا "، ثم جرّوا (أرجلكم) بالعطف على
(رؤوسكم) حملاً لأحد الفعلين على الآخر.
وهذا التأويل أليق وأقرب من التأويلات المتقدّمة، وأكثر في القرآن وكلام العرب، حتى قال بعضهم: هو مقيس لكثرته نظماً ونثراً، وإنما حملهم على تكلّف هذه التأويلات السنّةُ الواردة الصحيحة المقتضية للغسل الذي لا تحتمل تأويلاً.
ومن يرى المسح فهو معطوف على (رؤوسكم)، وهو صحيح
الإعراب فاسد المعنى.
وأما قراءة النصب فقرأ بها نافع، وابن عامر، والكسائي، وحفص.
ووجهها أنه منصوب عطفاً على (أيديكم) ولا يضرّ الفصل بالجملة بين
المعطوف والمعطوف عليه.
قال أبو البقاء: هو جائز ولا خلاف فيه.
ولا يلتفت إلى قول ابن عصفور: وأقبح ما يكون ذلك بالجمل - يعني
الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، لأن هذه الآية تردّ عليه. ولا يخلو
ابن عصفور أن مرّت هذه الآية بخاطره حين قال: " وأقبح من ذلك "، أو
لا.
فإنّ كانت مرَّت بخاطره فهو جارٍ على عادته من سوء أدبه مع كلام الله
تعالى وإطلاق لسانه في ذلك، وإن كانت لم تَرِد بخاطره فيشفع له جهلُه
بذلك.