لأن "لَوْ" ها هنا بمعنى التمني، ومثله (فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
قوله: (كَذَلِكَ)، قيل: متصل بالأول، أي تجرؤوا كذلك، وقيل:
منفصل، أي الأمر كذلك، وقيل: متصل بما بعده، أي (يُرِيهِمُ اللَّهُ)، والضمير المفعول الأول، (أَعْمَالَهُمْ)، المفعول الثاني (حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ) المفعول الثالث، أراه كذلك.
قوله: (مَا أَلْفَيْنَا).
أي صادفنا، وفيه سؤالان:
أحدهما: لم خص في البقرة بـ (أَلْفَيْنَا) وقال في المائدة (وَجَدْنَا) وفي لقمان (وَجَدْنَا) ؟
الجواب: لأن ألفيت يتعدى لمفعولين، تقول: ألفيت زيداً صادقاً، وألفيت عمرا على كذا، و "وجدت " مشترك يتعدى مرة لمفعولين، ومرة لمفعول واحد، تقول: وجدت الضالة، ووجدت درهما، ولا تقول: ألفيت الضالة، فكان الموضوع الأول باللفظ الأخص أولى، لأن غيره إذا وقع موضعه في الثاني والثالث علم أنه بمعناه.
والسؤال الثاني: لِمَ قال في البقرةِ (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)، وفي المائدة (لَا يَعْلَمُونَ) ؟
الجواب: لأن العلم أبلغ درجة من العقل، ولهذا جاز وصف الله سجانه بالعلم ولم يجز وصفه بالعقل، وكان دعواهم في المائدة أبلغ، لقولهم (حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا)، فادعوا النهاية بلفظ حسبنا، فنفى ذلك بالعلم، وهو النهاية، وقال في البقرة: (قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا).
ولم تكن نهاية، فنفى بما هو دون