قوله: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)
الواو للعطف، وهو لا يقتضي الترتيب
بإجماع من أهل العربية، لدلائل جمة:
أحدها: أن الواو في الأسماء المتغايرة يجري مجرى التثنية، والجمعِ في الأسماء المتماثلة، وأنهما لا بدلان على الترتيب كذلك هذا، ولأن كل اسم أو فعل يستدعي شيئين فصاعدًا يقع بعده الواو لا غير، نحو جاء زيد وعمرو معا.
لو قلت: فعمرو لم يصح لأن "معا" يقتضي الاشتراك دون الترتيب، وكذلك اختصم زيد وعمر
ولا يجوز، فعمرو، لأن الاختصام يقتضي الاشتراك في الفعل، ومثل
الاصطلاح، وكذلك الحال بين زيد وعمرو، لا يجوز فعمرو، لأن كلمة "بين" تقتضي الاشتراك دون الترتيب.
وقرئ: "وَأَرْجُلَكُمْ" بالنصب والجر والظاهر في النصب العطف على
الوجوه، والأيدي، ويحتمل العطف على محل الجار والمجرور في قوله:
(بِرُءُوسِكُمْ)، والظاهر في الجر، أنه معطوف على (بِرُءُوسِكُمْ).
ويحتمل الجواز، وإن كان مع الواو، كقوله:
فَهَلْ أَنْتَ إنْ مَاتَتْ أَتَانُك رَاكِبٌ... إلَى آلِ بِسْطَامِ بْنِ قَيْسٍ فَخَاطِبِ
فَجَر قوله، "فحاطب المجاورة قيس، وحقه الرفع، لأنه معطوف على
راكب، واحتجاج من احتَج بقوله: جحر ضب خرب بعيد لمكان الواو في
الآية، فصارت الآية من المجمل الذي بيانه إلى رسول الله - ﷺ - وقد بينه "ويل للعراقيب من النار".
واختلف في (وَأَرْجُلَكُمْ) الآية ٦ فنافع وابن عامر وحفص والكسائي ويعقوب بنصب اللام عطفا على أيديكم فإن حكمها الغسل كالوجه وعن الحسن بالرفع على الابتداء والخبر محذوف أي مغسولة وعلى الأول يكون وامسحوا جملة معترضة بين المتعاطفين وهو كثير في القرآن وكلام العرب والباقون بالخفض عطفا على رؤسكم لفظا ومعنى ثم نسخ بوجوب الغسل أو بحمل المسح على بعض الأحوال وهو لبس الخف وللتنبيه على عدم الإسراف في الماء لأنها مظنة لصب الماء كثيرا فعطفت على الممسوح والمراد الغسل أو خفض على الجوار قال القاضي ونظيره كثير لكن قال بعضهم لا ينبغي التخريج على الجوار لأنه لم يرد إلا في النعت أو ما شذ من غيره.
اهـ (إتحاف فضلاء البشر. ص: ٢٥١).