الجواب: لأن ما في الأعراف غير لائق بالجواب، فصاروا
كالمبتدئين بالخطاب غير سالكين طريق الجواب، لأنهم قالوا (إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)، بخلاف السورتين، فإنهما قد أجابوه بما زعموا أنه جواب.
سؤال: لِمَ قال في قصة نوح: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ) بلفظ المتقبل، وقال في قصة عاد: (وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) بلفظ الاسم.
الجواب: جاء ما في قصة نوح على القياس، أبلغكم وأنصح لكم.
كما جاء في قوله: (أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) على القياس
المستقبل مع المستقبل، والماضي مع الماضي، وأما في قصة هود، فقد
سبق في أول القصة، (إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).
ولهذا جاز الوقف على قوله: (لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ)، ولم يجز على قوله:
(لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ)، لأنهم نسبوا نوحاً إلى الضلالة فحسب، فقال:
(لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ) بخلاف قصة هود، فإنهم نسبوه إلى السفاهة، وإلى الكذب، فلو قال: ليس بي سفاهة ووقف عليها، لكان تسليماً لما بعدها، وليس ذلك بالسهل، ثم قال: (وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) ليقع في مقابلة قولهم:
(وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)، مقابل اسم الفاعل باسم الفاعل - والله أعلم.