(فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ)
رجع القهقرى، وهو الرجوع إلى وراء.
(وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ)، فقال له أبو جهل: يا سرافة أفرارا من غير قتال، فقال: (إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ)، يعني الملائكة، (إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ)
قيل: كذب عدو الله، وقيل: أخاف الله عليكم.
وقيل: خاف أن يكون الوقت الذي انظر إليه قد حان.
وقيل: خاف من الملائكة.
الغريب: مثله مثل الشاعر، حيث قال:
وكتيبةٍ لبَّسْتها بِكتيبةٍ... حتى إذا التبست نَفَضتُ لها يدي
قوله: (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ).
محله رفع على خبر المبتدأ، أي صنيعهم كصنيع آل فرعون.
وقيل: نصب، أي نفعل بهم فعلنا بآل فرعون.
(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) جر بالعطف، ويجوز أن يرنفع بالابتداء.
(كَفَرُوا) خبره.
قوله: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا) (١).
التاء للخطاب، أي لا تَحْسَبَنَّ يا محمد الذين كفروا، فهم المفعول
الأول، وقوله: (سَبَقُوا) جملة في محل المفعول الثاني.
ومن قرأ بالياء، فله ثلاثة أوجه:
أحدها ولا يَحْسَبَنَّ محمد الذين كفروا سبقوا، فيكون كالأول.
والثاني: أن يكون الذين كفروا هم الفاعلين، وضميرهم المفعول الأول، أي
إياهم، وسبقوا المفعول الثاني.
والثالث: وهو الغريب: أن يضمر "أنْ" فيصير مع "سبقوا" واقعا موقع المفعولين، وهو قراءة ابن مسعود.
واختلف في / ولا تحسبن الذين كفروا /) الآية ٥٩ هنا والنور الاية ٥٦ فابن عامر وحمزة بالغيب فيهما واختلف عن إدريس عن خلف فروى الشطي عنه كذلك فيهما ورواهما عنه المطوعي وابن مقسم والقطيعي بالخطاب وبه قرأ الباقون وافق أبا عمرو الأعمش واليزيدي فيهما ووافق حمزة الحسن ووافق أبا جعفر ابن محيصن والذين مفعول أول على قراء الخطاب وسبقوا ثان والمخاطب النبي والفاعل على قراءة الغيب ضمير يعود على الرسول أو يفسره السياق أي قتيل المؤمنين وإن جعل الذين فاعلا فالمفعول الأول محذوف أي أنفسهم والثاني سبقوا وفتح سين (يحسبن) ابن عامر وعاصم وحمزة وأبو حعفر. اهـ (إتحاف فضلاء البشر. ص: ٢٩٨: ٢٩٩).