حين جاؤوا على قميصه بدم كذب.
فإن قيل: كيف يمكن الجمع بين قوله: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)، ويين قوله: (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ).
الجواب: الشكوى إلى الله لا تزيل اسم الصبر عن الصابر، كما لم
تزِل عن أيوب عند قوله: (إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ)
فإن قيل: كيف عدل إلى يوسف ولم يقل يا أسفي على بنيامين؟
الجواب: أراد يا أسفي على يوسف وبنيامين، واقتصر على ذكر
أحدهما، وقيل: كأنَّه أراد كل هَمٍّ بالإضافة إلى هَمِّ يوسف جلل، وقيل: لأنه نُعي إليه يوسف حين قالوا فأكله الذئب، ولم ينع إليه بنيامين، بل قيل: إن ابنك سرق.
قوله: (تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ).
أي لا تفتؤ، وجاز حذفه، لأن اليمين في الإثبات يجاب باللام أو
بإن، وفي النفي يجاب بما أو بلا، وإذا خلا من علامة الإثبات فالنفي لا
غير، نحو: أن تقول: والله اضرب زيداً، يكون تقديره: لا أضرب، ومثله:
(وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا)، أي لا يؤتوا، ومثله في
الشعر في. قال امرؤ القيس:
١٢٧١، لقد آليت أغدِرُ في جداع
أي لا أغدر، وذكر عقبه.
فإن الغدْرَ بالأقوام عارٌ
وإن الحرَّ يجزأ بالكراع
قوله: (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا).
أي أعطنا بالرديء ما تعطي بالجيد، وقيل: تصدق علينا بأخذ متاعنا.
وإن لم يكن من حاجتك..


الصفحة التالية
Icon