قوله: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ)
فَعَّل وأفعل يأتيان للسلب.
تقول أشكيته، أي أزلت شكايته، وأخفيته أزلت خفاه، ومرَّضْت المريضَ
إذا توليت مداواته ومصالحه، كذلك فزَّعته سلبت الفزع من قلبه. والجمهور على أن الضمير من قُلُوبِهِمْ يعود إلى الملائكة، وذلك ما روى عن ابن عباس: أنه قال: إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات صلصلة
كصلصلة السلسلة على الصفوان، فيرون أنه أمر الساعة، فإذا فزع عن
قُلُوبِهِمْ الغشية التي لحقتهم من الخشية، قالوا للملائكة فوقهم: ماذا قال
ربكم، أي ماذا أمر الدب، فيقولون لهم قال الحق، ويقويه ما روي أن
الحرث بن هشام قال لرسول الله - ﷺ -: كيف يأتيك الوحي، قال:
" يأتيني في صَلْصَلَةٍ كَصَلْصَلَة الجَرس، فَيفْصِم عني حين يفصم وقد
وعيته، ويأتيني أحياناً في مثل صورة الرجل فيكلمني به كلاما، وهو أهون
عليَّ ".
وعن ابن عباس أيضاً: كان قد انقطع الوحي بعد عيسى - عليه
السلام -، فلما تكلم الله بالوحي إلى محمد - ﷺ - سمعت الملائكة صوتاً كصوت الحديد على الصفا، فغشي عليهم، فلما جلّي عنهم قالوا: ماذا قال ربكم، قالوا: أوحى إلى محمد - عليه السلام -.
الغريب: قال القفال: أذن لهم في الشفاعة ففزعوا أن يلحق في تنفيذ
ما أذن لهم فيه تقصبر في وضع الشفاعة غير موضعها، فلما فزع عن قلوبهم
وكشف المفزع، قالوا: ماذا قال ربكم، قالوا: الحق، أي أذن لكم في
الشفاعة للمؤمنين.
ومن الغريب: الضمير يعود إلى الناس، وذلك في القيامة تقول لهم
الملائكة، أي للمشركين، ماذا قال ربكم، قالوا: الحق، فيقرون حين
لا ينفع.
وقيل: يكون ذلك عند الفزع، فلا ينفعهم ذلك، و (ماذا) في
الآية كلمة واحدة، ولهذا جاء جوابه في قوله "قالوا الحق) - بالنصب -،