كتب له ثلاث مرات ثم خطبها وتزوجها، فلما أتاه الخصمان وذكرا التسعة
والتسعين نعجة علم أن الله فتنه، فسجد أربعين ليلة لا يرفع رأسه إلا للصلاة
المكتوبة، ولا يذوق طعاماً ولا شراباً حتى أوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني
قد غفرت لك، وزاد بعض المفسرين: أن جبريل أتاه فقال له: اذهب إلى
أوريا واستحل منه، فإنك تسمع صوته في مكان كذا، فأتاه فاستحل منه.
فقال: أنت في حل، فلما رجعِ قال له جبريل: هل أخبرته بجرمك، قال:
لا، قال: فإنك لم تعمل شيئا، ارجع وأخبره بالذي صنعت، فرجع داود
وأخبره بذلك، فقال: أنا خصمك يوم القيامة، فرجع مغتما وبكى أربعين
يوماً، فأتاه جبريل، قال: إن الله يقول: أنا أستوهبك من عبدي فيهبك لي.
وأجزيه على ذلك أفضل الجزاء، وذهب المحققون إلى إنكاره أصلاً، ورووا
أن علياً - رضي الله عنه - أنكر هذا، وقال: من حدث بحديث داود على ما يرويه القصاص معتقداً صحته، جلدته حدين لعظيم ما ارتكب من الإثم.
وكبير ما احتقب من الوزر، وجاء عن ابن عباس وابن مسعود إنكاره أيضا.
وذهب بعضهم إلى أن ذنب داود هو: أنه لما وقعت عينه على امرأة أوريا
سأله أن ينزل عنها له، فكان ذلك جائزاً في شرعهم - والله أعلم -.
قوله: (فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ).
أي ذلك الذنب، وعن بعض القراء، الوقف على فغفرنا له، أي جميع
ذنوبه، ثم قال: (ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى) أي ذلك له وله غير ذلك.
وفسره بقوله: (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى)
قال الشيخ الِإمام: ويحتمل الأمر ذلك كما سبق في الحج.
قوله: (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ).
أي على سليمان.