عَلَى عُشِّهِ.
فَأَكَبَّ عَلَيْهِ جُمْجُمَةً، يَعْنِي زُجَاجَةً.
فَجَاءَ الْهُدْهُدُ فَجَعَلَ لا يَصِلُ إِلَيْهِ، فَانْطَلَقَ، فَجَاءَ بِالْمَاسِ الَّذِي يُثْقَبُ بِهِ الْيَاقُوتُ، فَوَضَعَهُ عَلَيْهَا، فَقَطَّ الزُّجَاجَةَ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَأْخُذَهُ فَأَعْجَزَهُ، فَجَاءُوا بِالْمَاسِ إِلَى سُلَيْمَانَ، فَجَعَلُوا يَسْتَعْرِضُونَ الْجِبَالَ كَأَنَّمَا يَخُطُّونَ فِي نَوَاحِيهَا فِي طِينٍ.
قَوْلُهُ: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ [الأنبياء: ٨٣] قَالَ قَتَادَةُ: الْمَرَضُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ كَقَوْلِهِ: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ [ص: ٤١] قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: يَا رَبِّ، هَلْ مِنْ عَبِيدِكَ عَبْدٌ إِنْ سَلَطَّتَنِي عَلَيْهِ امْتَنَعَ مِنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، عَبْدِي أَيُّوبُ.
قَالَ: فَسَلَّطَهُ عَلَيْهِ لِيَجْهَدَ جَهْدَهُ، وَيُضِلَّهُ بِخَبَالِهِ وَغُرُورِهِ فَامْتَنَعَ مِنْهُ.
قَالَ إِبْلِيسُ: يَا رَبِّ، إِنَّهُ قَدِ امْتَنَعَ مِنِّي، فَسَلِّطْنِي عَلَى مَالِهِ.
فَسَلَّطَهُ عَلَى مَالِهِ فَجَعَلَ يُهْلِكُ مَالَهُ صِنْفًا صِنْفًا وَيَأْتِيهِ فَيَقُولُ: يَا أَيُّوبَ هَلَكَ مَالُكَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْطَيْتَهُ، وَأَنْتَ أَخَذْتَهُ مِنِّي، إِنْ تُبْقِ لِي نَفْسِي أَحْمَدْكَ عَلَى بَلائِكَ.
قَالَ إِبْلِيسُ: يَا رَبِّ إِنَّ أَيُّوبَ لا يُبَالِي بِمَالِهِ، فَسَلِّطْنِي عَلَى جَسَدِهِ.
فَسَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَمَكَثَ سَبْعَ سِنِينَ وَأَشْهُرًا فِي الْعَذَابِ حَتَّى وَقَعَتِ الأَكَلَةُ فِي جَسَدِهِ.
قَالَ يَحْيَى: وَبَلَغَنِي أَنَّ الدُّودَةَ كَانَتْ تَقَعُ مِنْ جَسَدِهِ فَيَرُدَّهَا فِي مَكَانِهَا وَيَقُولُ: كُلِي مِمَّا رَزَقَكِ اللَّهُ.
قَالَ الْحَسَنُ: فَدَعَا رَبَّهُ: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ [ص: ٤١] وَقَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٣] فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ﴾ [ص: ٤٢] فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ رَكْضَةً وَهُوَ لا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ.
فَإِذَا عَيْنٌ فَاغْتَسَلَ مِنْهَا، فَأَذْهَبَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ظَاهِرَ دَائِهِ، ثُمَّ مَشَى عَلَى رِجْلَيْهِ أَرْبَعِينَ


الصفحة التالية
Icon