وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ﴾ [المؤمنون: ٧١] : بِشَرَفِهِمْ ﴿فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ﴾ [المؤمنون: ٧١] يَعْنِي عَنْ شَرَفِهِمْ ﴿مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: ٧١] قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَذْكُرُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾ [الأنبياء: ١٠] : فِيهِ شَرَفُكُمْ.
قَوْلُهُ: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا﴾ [المؤمنون: ٧٢] قَالَ قَتَادَةُ: أَمْ تَسْأَلُهُمْ عَلَى مَا أَتَيْتُهُمْ بِهِ جُعْلا، أَيْ إِنَّكَ لا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا.
قَالَ: ﴿فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ﴾ [المؤمنون: ٧٢] أَجْرُ رَبِّكَ أَيْ ثَوَابُهُ فِي الآخِرَةِ خَيْرٌ مِنْ أَجْرِهِمْ لَوْ أَعْطَوْكَ فِي الدُّنْيَا أَجْرًا.
قَالَ: ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [المؤمنون: ٧٢] وَقَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ رِزْقَ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، يَرْزُقُ اللَّهُ إِيَّاهُمْ، يُقَسِّمُ رِزْقَ هَذَا عَلَى يَدَيْ هَذَا ﴿وَهُوَ خَيْرُ﴾ [المؤمنون: ٧٢] أَفْضَلُ ﴿الرَّازِقِينَ﴾ [المؤمنون: ٧٢].
وَهُوَ تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.
- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ الشَّامِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ لا يُمْطِرُ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ دَنَانِيرَ وَلا دَرَاهِمَ، وَإِنَّمَا يَرْزُقُ بَعْضَكُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ سَاقَ اللَّهُ إِلَيْهِ رِزْقًا فَلْيَقْبَلْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَيْهِ مُحْتَاجًا فَلْيُعْطِهِ فِي أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ إِخْوَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا اسْتَعَانَ بِهِ عَلَى حَاجَتِهِ، وَلا يَرُدَّ عَلَى اللَّهِ
رِزْقَهُ الَّذِي رَزَقَهُ.
- الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَصِيرِ قَالَ: لَقِيتُ مَكْحُولًا بِمَكَّةَ، فَأَعْطَانِي شَيْئًا فَانْقَبَضْتُ عَنْهُ فَقَالَ: خُذْهُ فَإِنِّي سَأُحَدِّثُكَ فِيهِ بِحَدِيثٍ.
فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي بِهِ فَإِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ.
فَقَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ عُمَرَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُ انْقَبَضَ عَنْ أَخْذِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: «إِذَا أَتَاكَ اللَّهُ بِشَيْءٍ لَمْ تَطْلُبْهُ وَلَمْ تَعْرِضْ لَهُ فَخُذْهُ، فَإِنْ كُنْتَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ فَأَنْفِقْهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَيْهِ مُحْتَاجًا فَضَعْهُ فِي أَهْلِ الْحَاجَةِ».
- ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَفَعَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: لا إِرْبَ لِي بِهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سَتَجِدُ مَنْ هُوَ أَحَوْجُ إِلَيْهَا مِنِّي.
فَقَالَ خُذْهَا، فَإِنَّمَا قُلْتَ لِي كَمَا قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا عُمَرُ، مَا أَتَاكَ مِنْ عَطَاءٍ غَيْرُ مُشْرِفَةٍ لَهُ نَفْسُكَ وَلا سَائِلَةٍ فَاقْبَلْهُ».