لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٣٨﴾ } [النور: ٣٦-٣٨] قَوْلُهُ: ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور: ٣٨] بِغَيْرِ أَنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ، أَيْ: لا يَنْقُصُ مَا عِنْدَ اللَّهِ كَمَا يَنْقُصُ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور: ٣٨] يَقُولُ: لَيْسَ فِيهِ تِبَاعَةٌ فِيمَا يَرْزُقُ.
وَيَقُولُ: أَنَا الْمَلَكُ أُعْطِي مَنْ شِئْتُ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَخَافُهُ مِنْ أَحَدٍ، لَيْسَ فَوْقِي مَلِكٌ يُحَاسِبُنِي.
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لا أَحَدٌ يُحَاسِبُهُمْ بِمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ كَقَوْلِهِ: ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [فصلت: ٨] غَيْرُ مَحْسُوبٍ.
وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ﴾ [النور: ٣٩] قَالَ مُجَاهِدٌ: وَهُوَ الْقَاعُ الْقَرْقَرَةُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: بِقِيعَةٍ مِنَ الأَرْضِ.
﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ﴾ [النور: ٣٩] الْعَطْشَانُ.
﴿مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ [النور: ٣٩] كَقَوْلِهِ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ﴾ [إبراهيم: ١٨] وَالْعَطْشَانُ مِثْلُ الْكَافِرِ، وَالسَّرَابُ مِثْلُ عَمَلِهِ، يَحْسَبُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ، فَإِذَا جَاءَهُ الْمَوْتُ لَمْ يَجِدْ عَمَلَهُ أَغْنَى عَنْهُ شَيْئًا إِلا كَمَا يَنْفَعُ السَّرَابُ الْعَطْشَانَ.
سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: هَذَا مِثْلُ عَمَلِ الْكَافِرِ، يَرَى أَنَّ لَهُ خَيْرًا وَأَنَّهُ قَادِمٌ عَلَى خَيْرٍ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يَجِدْ خَيْرًا قَدِمَهُ.
قَوْلُهُ: ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾ [النور: ٣٩] ثَوَابَ عَمَلِهِ.
﴿وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [النور: ٣٩] قَالَ: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ﴾ [النور: ٤٠] هَذَا مِثْلُ قَلْبِ الْكَافِرِ.
﴿فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ [النور: ٤٠]