يُبْصِرُ طَيِّبَ الطَّعَامِ، وَالأَعْرَجَ لا يَسْتَطِيعُ الزِّحَامَ عِنْدَ الطَّعَامِ، وَالْمَرِيضُ لا يَأْكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الصَّحِيحُ، فَاعْزِلُوا لَهُمْ طَعَامَهُمْ عَلَى نَاحِيَةٍ.
وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ عَلَيْهِمْ فِي مُؤَاكَلَتِهِمْ جُنَاحًا.
وَكَانَ الأَعْمَى وَالأَعْرَجُ وَالْمَرِيضُ يَقُولُونَ: لَعَلَّنَا نُؤْذِيهِمْ إِذَا أَكَلْنَا مَعَهُمْ، فَاعْتَزَلُوا مُؤَاكَلَتَهُمْ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾ [النور: ٦١] لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ وَلا عَلَى الَّذِينَ تَأَثَّمُوا مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ حَرَجٌ.
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: كَانَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ يَغْزُونَ وَيُخَلِّفُونَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ مَنْ يَحْفَظُهَا، فَكَانُوا يَتَأَثَّمُونَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا شَيْئًا، فَرُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانُوا يُخَلِّفُونَ عَلَيْهَا الأَعْرَجَ وَالأَعْمَى وَالْمَرِيضَ وَالزَّمْنَى الَّذِينَ لا يَخْرُجُونَ فِي الْغَزْوِ، فَرُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا.
سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مُنِعَتِ الْبُيُوتُ زَمَانًا.
كَانَ الرَّجُلُ لا يَتَضَيَّفُ أَحَدًا وَلا يَأْكُلُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ تَأَثُّمًا مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ يَحْيَى: بَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: ٢٩] قَالَ قَتَادَةُ: فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ رَخَّصَ اللَّهُ لَهُ الأَعْمَى، وَالأَعْرَجَ، وَالْمَرِيضَ.
ثُمَّ رَخَّصَ لِعَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: ﴿وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾ [النور: ٦١] مِمَّا تُحِبُّونَ.
هَكَذا.
﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾ [النور: ٦١] قَالَ قَتَادَةُ: فَلَوْ أَكَلْتَ مِنْ بَيْتِ صَدِيقِكَ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَتِهِ لَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَحَلَّ لَكَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾ [النور: ٦١]
ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَغْزُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ