وَكَانَ مُوسَى قَدْ غَابَ عَنْهُمْ زَمَانًا مِنَ الدَّهْرِ، قَالَ فِرْعَوْنُ: اذْهَبْ فَأَدْخِلْهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَعَرَفَهُ، فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَأَنَّهُ عَرَفَ وَجْهَهُ وَلَمْ يُثْبِتْ مَنْ هُوَ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ: لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ وَلَكِنْ مَنْ أَنْتَ، وَابْنُ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، وَقَدْ كَانَ رَبَّاهُ، وَكَانَ فِي حِجْرِهِ حَتَّى صَارَ رَجُلا.
فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: ﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٨] وَأَنْتَ لا تَدَّعِي هَذِهِ النُّبُوَّةَ ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٩] بِي أَنِّي إِلَهٌ، فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ.
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: مِنَ الْكَافِرِينَ لِنِعْمَتِنَا، أَيْ: فِيمَا رَبَّيْنَاكَ.
قَالَ اللَّهُ: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ {٣٦﴾ وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ} [القصص: ٣٦-٣٧] أَيْ: أَنِّي أَنَا جِئْتُ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ.
﴿وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ [القصص: ٣٧] دَارِ الآخِرَةِ الْجَنَّةِ.
﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [القصص: ٣٧] الْمُشْرِكُونَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَالْمُفْلِحُونَ هُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَأَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] تَعَمَّدَ الْكَذِبَ، فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ.
﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ [القصص: ٣٨]، أَيْ: فَاطْبُخْ لِي آجُرًّا فَكَانَ أَوَّلَ مَا عُمِلَ الآجُرُّ.