﴿أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ [القصص: ٥٥]، يَعْنِي: عَنِ اللَّغْوِ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِمْ.
﴿وَقَالُوا﴾ لِلْمُشْرِكِينَ.
﴿لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ [القصص: ٥٥] كَلِمَةَ حِلْمٍ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَتَحِيَّةً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
﴿لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [القصص: ٥٥] لا نَكُونُ مِنَ الْجَاهِلِينَ هَذَا تَفْسِيرُ الْحَسَنِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمْ مُسْلِمُو أَهْلِ الإِنْجِيلِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُمْ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَكُونُوا يَهُودًا وَلا نَصَارَى، وَكَانُوا عَلَى دِينِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَكَرِهُوا مَا عَلَيْهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَأَخَذُوا بِأَمْرِ اللَّهِ، فَكَانُوا يَنْتَظِرُونَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَلَمَّا سَمِعُوا بِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَتَوْهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَرَفُوهُ بِنَعْتِهِ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا سَمِعُوهُ ﴿قَالُوا آمَنَّا بِهِ﴾ [القصص: ٥٣] بِالْقُرْآنِ ﴿إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ
قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ [القصص: ٥٣].
قَالَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ [القصص: ٥٤] يَقُولُ بِأَخْذِهِمُ الْكِتَابَ الأَوَّلَ، وَإِيمَانِهِمْ بِالْكِتَابِ الآخِرِ.
- حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " ثَلاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: مَنْ آمَنَ بِالْكِتَابِ الأَوَّلِ وَالْكِتَابِ الآخِرِ، وَالْعَبْدُ إِذَا أَطَاعَ اللَّهَ وَأَطَاعَ سَيِّدَهُ، وَالرَّجُلُ إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ".
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ [القصص: ٥٥] قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ لِهَؤُلاءِ الرَّهْطِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: أُفٍّ لَكُمْ مِنْ قَوْمٍ مَنْظُورٍ إِلَيْكُمْ تَبِعْتُمْ غُلامًا قَدْ كَرِهَهُ قَوْمُهُ وَهُمْ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ.